الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأخلاق قبل القانون

بواسطة azzaman

الأخلاق قبل القانون

إسماعيل محمود العيسى

 

القاضي فرانشيسكو كابريو والمعروف بأسم فرانك كابريو، هو قاضٍ أمريكي يعمل في محكمة المرور في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند. أصبح مشهورًا على مستوى العالم بسبب نهجه الفريد في تطبيق القانون الذي يجمع بين العدالة والرحمة وقبلها الأخلاق.

في إحدى الجلسات، تم استدعاء امرأة مسنّة تُدعى «ماري» إلى المحكمة بسبب مخالفة مرورية. كانت ماري قد أوقفت سيارتها في مكان ممنوع، وكانت تواجه غرامة كبيرة بالنسبة لدخلها المحدود. عندما سألها القاضي كابريو عن سبب توقيف السيارة في ذلك المكان، أجابت ماري بأنها كانت تأخذ حفيدها الصغير إلى المستشفى بشكل عاجل لأنه كان مريضًا.

استمع القاضي كابريو إلى قصتها بعناية، واستفسر عن صحة الحفيد. ثم قال لها: «من الواضح أن الظروف كانت قاهرة، ويجب أن نكون متفهمين. القانون يجب أن يكون عادلًا، لكنه أيضًا يجب أن يكون رحيمًا.» ثم قرر أن يعفي ماري من الغرامة تمامًا، مؤكدًا أن إنسانيتها واهتمامها بحفيدها أهم بكثير من أي مخالفة مرورية.هذا الموقف يُظهر كيف يمكن للأخلاق أن تؤثر في تطبيق القانون، وتجعل منه أكثر إنسانية وعدلاً. القاضي كابريو يُظهر أن تطبيق القانون لا يعني بالضرورة القسوة، بل يمكن أن يكون وسيلة لنشر الرحمة والأخلاق والتفهم في المجتمع. هذه القصص الحقيقية من محكمته ألهمت العديد من الناس حول العالم، وجعلتهم يؤمنون بأن العدالة يمكن أن تكون رحيمة.

علاقة عميقة

إذا القانون بمفهومه الشامل هو  علاقة تفاعلية مبنية على المحبة والاحترام بين الناس، فهذا يشير إلى فهم عميق للعلاقة بين القانون والأخلاق. فالقوانين في المجتمع تنظم العلاقات بين الأفراد، وتحدد الحقوق والواجبات لضمان التعايش السلمي والعدالة.

ومن المنظور الإسلامي، يمكن أن يُنظر إلى الشريعة (القانون الإسلامي) على أنها مبنية على مبادئ الأخلاق والحب والرحمة والعدل. فالإسلام يدعو إلى محبة الله ومحبة الناس، والعدالة في التعاملات بين الأفراد.

فما ورد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة والتي تدعم هذا المفهوم:

 1. القرآن الكريم:

- «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ». سورة المائدة، الآية (8):

- فهذه الآية تدعو إلى العدل حتى مع من نكره، لأن العدل هو الأقرب للتقوى.

2. حديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم:

   - «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

   - هذا الحديث يبين أهمية المحبة والتعامل مع الآخرين بما نحب أن نُعامَل به.

إذًا القوانين التي تنظم العلاقة بين الأفراد يجب أن تكون مبنية على مبادئ الأخلاق والحب والعدل والرحمة لضمان مجتمع متماسك وعادل، فالتوازن بين تطبيق القانون ورعاية الأخلاق أمرًا حيويًا لتحقيق مجتمع عادل ومستدام. فالقوانين تُوضع لضمان النظام والعدالة، لكنها لا تكتمل إلا إذا أُدمجت مع مبادئ الأخلاق والعدل، وعلى الحكومات وأجهزتها التنفيذية أن تتبنى نهجًا يتسم بالرحمة والتعاطف عند تطبيق القوانين، مما يعزز من ثقة المواطنين ويشجعهم على الالتزام الطوعي بالقواعد القانونية.

 


مشاهدات 224
الكاتب إسماعيل محمود العيسى
أضيف 2024/07/27 - 12:54 AM
آخر تحديث 2024/08/31 - 3:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 45 الشهر 45 الكلي 9988667
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير