الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رضا الـله مرهون برضا اهل البيت (ع)

بواسطة azzaman

رضا الـله مرهون برضا اهل البيت (ع)

حسين الصدر

 

-1-

خرج الحُجّاج من مكة الى عرفات في الثامن من ذي الحجة سنة 60 هـ (يوم التروية) أما الحسين (ع) فقد خرج مِنْ مكة الى كربلاء .

وقد خطب قبل الخروج في مكة فقال :

{ خُطّ الموت على ولد آدم مخط القلادة على جِيد الفتاة ،

وما أولهني الى أسلافي اشتياقَ يعقوب الى يوسف ،

وخِيرَ لي مصرعٌ أنا لاقيه ،

كأني بأوصالي تُقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربةُ سغبا  ،

لا محيص عن يوم خُطّ بالقلم .

رضا الله رضانا اهل البيت ،

نصبرُ على بلائه ويوفينا أجور الصابرين

لن تشذ عن رسول الله لحمتُه ،

وهي مجموعة له في خطيرة القُدس ،

تقربهم عَيْنُه ، وينجزُ بهم وَعْدُه ،

مَنْ كان باذلاً فينا مُهجَتَهُ ،

مُوطِنا على لقاءِ الله نَفْسَهُ ،

فليرحل معنا :

فاني راحلٌ مصبحا ان شاء الله }

الموت هو النهاية الحتمية لكل انسان ولن ينجو منه الذين يؤثرون العافية ،ويبتعدون عن ساحات المواجهة مع الظالمين .

وشتان بَيْنَ مَنْ يُغمض الحِمامُ جفنَيْهِ وهو هارب من أداء الواجب ، وبين ناهضٍ حرّ مشتاق الى وسام الشهادة

وكان الحسين (ع) على علمٍ تام بما سيلقاه من الطغمة الجائرة ، فليس له منهم الا تقطيع الأوصال ، ولكنه مع ذلك مصمم على النزال وقد اشتاق الى أسلافه ... الى جده المصطفى، وأبيه المرتضى، وأمه الزهراء البتول، واخيه المجتبى، وعمه حمزة، كما اشتاق يعقوب الى وَلَدِهِ يوسف كأحّر ما تكون عليه الأشواق .

وكشف الامام الحسين (ع) عن حقيقة كبرى تقول :

رضا الله مرهون برضا أهل البيت (ع) ذلك أنَّ اهل البيت (ع) هم حُجَجَهُ على العباد ، وهم عدِلُ الكتاب ، ومصابيح الهدى ، وهم الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم في توظيف ما يملكون من أجل انتصار الإسلام وإطفاء شعلة الزيغ والانحراف والطغيان الذي يمارسه الطغاة الاثمون .

ولابد من ادرّاع الصبر وهم يخوضون غمار هذه المعارك الضارية مع أعداء الله والإنسانية .

انّ معركة الامام الحسين (ع) مع الكيان الأموي الغاشم ليست معركة سهلة، انها تحتاج الى الابطال من الرجال الذين لا يهابون الموت ولا الأعداء ، والذين هم قد عقدوا العزم ووطنوا انفسهم على خوض غمار المعركة حتى النفس الأخير تحت راية الحسين (ع) .

-2-

لقد واكب التاريخ – وبكل دقة حركة الامام الحسين (ع) منذ لقائه بالوليد بن عتبه – والي المدينة – وحتى انتهاء المعركة ظهر العاشر من المحرم سنة 61 هـ بكل ما انطوت عليه من وقائع وفجائع

وهذا أمر مهم للغاية، فلم يكن الامام الحسين (ع) هيّابا ولا وَجلاً مما ينتظره من أهوال، بل كان رابط الجأش صابراً على الابتلاء ، ساعياً وبكل حزم نحو أهدافه الكبرى في انقاذ الدين والأمة من براثن الطغيان والفساد، وتلك هي الابعاد السامية الفريدة في شخصية الفاتح الرباني ، الذي قدّم القرابين من ولده واهل بيته واصحابه ، وكتب بدمه الزكيّ ودمائهم أعظم ملحمة من ملاحم النزال بين الحقّ والباطل ، والهدى والضلال ، والعدل والظلم ، وأضاء الطريق للأجيال كلها لتنهج نهجه الذي لن تذوق معه الامة طعم الهوان والانكسار بل تعيش العزة والانتصار .

وهنا تكمن العظمة .

 

 

 


مشاهدات 235
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2024/07/21 - 3:57 PM
آخر تحديث 2024/08/31 - 12:06 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 40 الشهر 40 الكلي 9988662
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير