فاتح عبد السلام
في الوقت الذي نكافح في بلدان العرب من اجل صيانة حقوق المتقاعدين وتحسين معاشاتهم والخدمات الصحية والاجتماعية لهم بعد سنوات طويلة من العطاء، نجد ان دولا كثيرة في العالم تجاوزت ذلك للبحث في أسلوب تحسين الخدمات للمعمرين مما تجاوزت أعمارهم المائة عام، وهم في ازدياد متسارع. وعلى سبيل المثال ان اليابان تواجه مشكلة المعمرين منذ عقود من خلال برمجة الخدمات لهم ، وفي فرنسا ، قدّر المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 105 أعوام فما فوق، بنحو ألفَي شخص في الأول من كانون الثاني 2023، أي ما يساوي عدد الذين كانوا في المئة في فرنسا عام 1981. ويبلغ عدد هؤلاء حاليا 31 ألفاً، أي 30 مرة أكثر مما كان عليه عام 1970،
أسباب زيادة انتشار ظاهرة المعمرين بحسب الشهادات الطبية والشخصية والتجارب الموثقة تتعدد بحسب البيئات والمجتمعات الا انَّ عوامل الرعاية الصحية والاستقرار في ظروف العمل والعناية المجتمعية هي أساسية في انعاش ظهرة إطالة العمر .
في العراق ، لا نزال نعتقد انّ دعاء “الله يطول عمرك” هو افضل أسلوب لإطالة الاعمار، وبرغم ذلك فقد حصدت الحروب في السنوات الثلاثين الأخيرة خيرة رجال العراق وهم في اعمار الشباب، كما انّ الامراض المزمنة التي اختلت وسائل معالجتها في عقد التسعينات حيث ذلك الحصار الظالم، أسهمت في الإسراع في تدمير من بقي سالما من الحروب، في حين ان مرحلة ما بعد العام 2003 شهدت هدم أبرز أركان الاستقرار الاجتماعي المرتبطة بتحسين الحياة، وذلك بسبب اشتداد هجمات النزوح والهجرة واللجوء في داخل البلد او عبر البحار نحو بلدان اوربا.
انّ ملامح الرجل السبعيني في بريطانيا، أو فرنسا أو المانيا او الولايات المتحدة توحي بالصلة الوثيقة مع مرحلة الشباب ، وهكذا كانت ملامح الانسان العراقي في الخمسينات والسينات من القرن الماضي ، في حين انّ الانسان العراقي اليوم وهو في مرحلة الخمسينات من عمره يبدو قادماً من عصر آخر.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية