فاتح عبدالسلام
قبل أن نريد معرفة ماذا سيكون جدول اعمال زيارة رئيس الحكومة العراقية الى واشنطن والاجتماع الى الرئيس الأمريكي بايدن، هناك حقائق لا يمكن ازاحتها من المشهد، وهي انّ الضربة الإيرانية الانتقامية المقننة «بسلاسة وسلامة» انتهت ضد إسرائيل ولم تعد هاجساً منغصاً ومتصلاً بالواقع الأمني والسياسي العراقي . كما انّ بايدن يعيش ضغوطات الربع الأخير من رئاسته، وقد دخل العتبة الانتخابية الأكثر جدية مقابل منافسه التاريخي ترامب، وانه ليس في صدد اتخاذ قرارات حاسمة إزاء أي من الملفات الخارجية في هذا التوقيت الدقيق، بل لعلّ همّه الأساس هو غلق جميع الملفات الخارجية الملتهبة أو القابلة للاشتعال وفي مقدمتها حرب غزة.
لكن هذا لا يعني انّ القضايا التي تتوافر عليها زيارة رئيس الحكومة العراقية غير قابلة للبحث والخروج بنتائج، بل بعلى العكس، ذلك انّ العراق هو احد ثوابت الاستراتيجية الامريكية في الشرق الأوسط في القرن الحالي، وانّ الوقت قد حان لإزاحة الغبار عن وضع عراقي قلق، وشبه ضائع بين الجانبين الإيراني والامريكي لكي تتضح الاستحقاقات المطلوبة.
ملف الطاقة والاستثمارات النفطية والتطلع لإنتاج الغاز، لا يمكن ان يكتب له الادامة والنجاح من دون نيل الشركات الامريكية حاليا ومستقبلا الأولوية في الإنتاج والاكتشاف وما يتصل بذلك، لكن هذا الوضع لا يمكن ان يكون طبيعيا إذا انفجرت عبوة ناسفة واحدة ضد قافلة ناقلات أمريكية في جنوب العراق. أي ان الجانب الأمريكي يريد فك هذا التناقض وافهام الجانب العراقي الحكومي انّ قضية التحالف الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، لا تقبل الاختراقات او التسويف او الخط المائل لصالح إيران مهما كانت المبررات، حتى يتم تسوية العلاقات الامريكية الإيرانية وإلغاء العقوبات وما يرتبط بها.
من دون شك ان الحشد الشعبي بمفهومه الرسمي او مفهومه الثاني الموالي لإيران وسياستها واوامرها، هو قضية سيتم وضع النقاط على حروفها البارزة. اذ لايزال لدى الامريكان قلق من استنساخ تجربة الحرس الثوري الإيراني وجعلها أساسا عقائديا وعملياتيا في العراق بصيغة دولة داخل دولة. لكن لا اعتراض أمريكيا على وجود الحشد الشعبي في سياق الدولة العراقية واوامرها.
باختصار شديد، يجب ان نفهم كيف تنظر واشنطن، كدولة وليس حكومة البيت الأبيض الحالية فقط، الى العراق ومساراته المستقبلية في سياق الاستراتيجية الامريكية التي تقع إسرائيل في صلبها في الشرق الأوسط، وسوئ ذلك تفاصيل لمعاملات ينجزها أي موظف حكومي.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية