الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
معاً لنقرأ حين الحروف تدمدم

بواسطة azzaman

معاً لنقرأ حين الحروف تدمدم .. التوّجع على العراق

محسن حسن الموسوي

 

الكتاب: الحروفُ حين تدمدم

تأليف : سماحة العلاّمة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر ، حفظه الله

الناشر : دار المحجة البيضاء / بيروت

الطبعة: الأولى 1445هج _ 2023 م

عدد الصفحات: 256 صفحة

هل يعلم القارىء ماذا يحصل له حين يقرأ كتاباً واحداً ؟

إنه سيتغيّر نفسياً ، خصوصاً حينما يكون الكتاب نافعاً ، ثرياً بمعلوماته .

سوف تتحسّن لغته ، ستُفتح لها الآفاق التي لم يكن يحلم بها ، ونوافذ يرى من خلالها العالم الذي لا يُفتح إلاّ بالقراءة .

وسماحة سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، يُتحفنا بهذه الموسوعة الباذخة العطاء ، البارعة الجمال ، الثرية بما ضمّت من موضوعات الفكر والأدب والدين والسياسة والاجتماع ، وهي (موسوعة العراق الجديد) وبين يديّ الجزء الثاني والتسعون منها ، وقد ضمّ هذا الجزء ( 61) مقالة ، وكل مقالة هي تعادل كتاباً مختصراً ، فإذن أنت تقرأ هذا الكم من الكتب في كتاب واحد.

سيدنا العلاّمة الصدر ، حفظه الله ، يرشدنا إلى فهم صحيح لأحاديث الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلّم ، لكي لاتكون قراءتنا بلا تدبّر  ، فيروي سيدنا عن تلبية دعوة رجل فقير للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم : ( ولم يستطيع ذلك الفقير المؤمن تقديم شيء إلاّ الخبز والخل . واراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم _ وهو صاحب الخُلُق الكريم _ أن يُطيّب قلبه ، فقال: ( نِعْم الأدامُ الخل )  .

تقديم الخبر

هذا لأن الرجل كان فقيراً ولايملك أكثر من هذا النوع من الطعام ، ولايعني هذا أن الغني إذا زاره النبي يقدِّم له كما قُدِّم له طعام الفقير ! فيقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم: ( بئس الأدام الخل) .

يقول سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله :

( أما الاقتصار على تقديم الخبز والخل في بيت الغنيّ فهذا أمر قبيح لأن فيه معنى البخل والتقصير في حقّ الضيوف ، لاسيما إذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم منهم.

فلكل مقامٍ مقال ، ويختلف الأمر من حال إلى حال ، وليس ثمة من تعارض أو تناقض في كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ، وانما الخلل في الفهم السقيم الذي لم يدرك الاختلاف الكبير في الموردين.) .

وهذه المسألة مهمة جداً في فهم أخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأخبار أئمة أهل البيت عليهم السلام ، حيث تتفاوت الأزمنة والأمكنة في أحاديثهم الشريفة .

ولسيدنا الصدر ، حفظه الله ، موقف مبدئي ثابت ، نحو الأرض المغتصبة في فلسطين ، ولعله أول من كتب عن انتفاضتها الأخيرة ، شعراً ونثراً ، وهذا هو التكليف الشرعي والإنساني ، فيقول في ذلك :

( إذا كان الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين الحبيبة مدعوماً من قِبل أمريكا وحلفائها رموز الاستكبار العالمي ، وهو يعوّل على هذا الدعم المتواصل له ، فإننا لا نعوّل إلاّ على العون الإلهي ، ضارعين إليه أن يُنزل النصر على أبطال المقاومة الإسلامية في غزّة  ، وهم قد اذهلوا العالم كله بشجاعتهم وتضحياتهم وصمودهم وانجازاتهم الفريدة في إذلال الصهاينة الاوغاد وكسر شوكتهم وهيبتهم) .

وينقل لنا سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، قصة أبيات الشاعر الشهير ( حيص بيص ) الذي كتبها وصفاً لحال أهل البيت عليهم السلام ، وأعداءهم ، وهي لم تخرج من داره.

( يقول الشيخ نصر الله بن مجلي ، وهو من كبار الثقاة عند إخواننا ، رأيت في المنام علي بن أبي طالب عليه السلام فقلتُ له :  يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثمّ لمّا استولى آل أبي سفيان على الحكم يتم على ولدك الحسين ما تم ، فقال: أما سمعت أبيات إبن الصيفي في هذا ، فقلتُ لا ، فقال: اسمعها.

ثمّ استيقظتُ فبادرتُ إلى دار الحيص بيص فخرج إليّ فذكرتُ له الرؤيا فشهق واجهش في البكاء وحلف بالله أن الأبيات ما خرجت من فمهِ أو خطهِ إلى أحد ، وأنه نظمها في ليلته هذه.

يقول الشيخ : فطلبتُ منه أن يقرأ لي ، فأنشدني قوله على لسان الهاشميين وهم يخاطبون أعداءهم الأمويين:

ملكنا فكان العفوُ منّا سجيّةً

       فلما ملكتم سال بالدم أبطح

وحللتم قتل الاسارى ولطالما

      غدونا عن الأسرى نعفُ ونصفحُ

فحسبكم  هذا التفاوت بيننا

         وكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضحُ ) .

وفي كتابات سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، الكثير من التوجع على العراق ، لِما يرى من بعض المسؤولين الذين ساروا في طريق مصالحهم الضيقة ، وابرزوا انانيتهم في الاستحواذ على مصالح العباد والبلاد ،ولا يخلوا جزء من هذه الموسوعة المباركة من تقريع لاولئك الذين ضلّوا الطريق ، ونسوا الوطن والمواطن ، فسيدنا الصدر ، حفظه الله ، دائم التذكير لهم ، والتقريع عليهم :وفي هذا الجزء يقول:

( إن حب الأوطان يعمر البلدان ، وينهض بها ، ويُخرجها من دهاليز الظلمة إلى حيث يغمرها النور .

أليس مما يقرح القلب أنّ العراق الذي يعتبر من أغنى بلدان العالم ويعيش ربع سكانه تحت خط الفقر ؟

ولو كان السلطويون جميعاً من مُحبي أوطانهم وأهلهم لجعلوا العراق جنة الله في الأرض عمراناً وازدهاراً وتنمية وتقدماً ،لا في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والإستثمار فحسب ، بل في كل ما من شأنه أن يجعل المواطن العراقي يعيش ناعم البال موفور الراحة والإستقرار بعيداً عن الأزمات والمشكلات) .

وينقل لنا سيدنا الصدر ، حفظه الله ، لمحة من البراعة الأدبية في المخاطبات بين طلبة العلم ، والأسلوب الأدبي في ذلك:

( كتب المرحوم العلاّمة السيد صادق الهندي رسالة إلى المرحوم آية الله السيد يوسف الحكيم يطالبه بنسخة من كتاب أبيه الإمام آية الله العظمى السيد محسن الحكيم ، قدس سره ، (مستمسك العروة الوثقى) ، بيت القصيد فيها قوله :

من كان بالعُروةِ متمسسِكاً

كيف بِلا مستمسكٍ يبقى ؟

فأرسل إليه نسخة من المستمسك) .

وفي لمحة إنسانية وإجتماعية وأخلاقية يتساءل سيدنا ويُرشدنا كذلك :

( كيف تتوقى المصرع السيء؟

هل ثمة من وسيلة نستطيع من خلالها النجاة من مصارع السوء ؟

والجواب: نعم ، وقد وردت بالتحديد في حديث مروي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم حيث قال:

( صنائع المعروف تقي مصارع السوء)

إن صانع المعروف ما هي إلاّ الجائزة المقدمة لأصحاب النبل والمروءة والسخاء ممن يتمتع بالحسّ الإنساني ويستوعب الوظيفية الإجتماعية للمال ) .

ويحذرنا سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله ، من أحد أبشع الخصال ، وهي الحسد ، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم ( ومن شرِّ حاسدٍ إذا حسد )

فيقول سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله :( الحاسد خاسر في العاجل والآجل

الذين يشتعل الحسد والحقد في صدورهم وتتراكم الاضغان يجنون على أنفسهم قبل أن يُصيبوا الآخرين ، وهذه عقوبة دنيوية معجّلة ، وتنتظرهم مضافاً إلى ذلك عقوبة صارمة مؤجلة معروفة.

والحسد لايختص بطبقةٍ معيّنة من الناس ،وهو يتسرب إلى نفوس أدباء كبار يحسدون من علاهم مكانةً وشهرةً ومقاماً  ، كما أنه قد يتسرب إلى نفوس الضعفاء البائسين حسداً لذوي الثراء والغنى.

وما من امرأة حسناء إلاّ وقد تعرضت للحسد مِنْ كثيرات.. كما أنه ليس من ذي نعمةٍ إلاّ وله الكثير من الحاسدين )

اكتشاف المحب

وفي لفتةٍ جميلة يتساءل سيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله :

( كيف تعرف المحب الصادق ؟

وهل ثمة مِنْ طريق لاكتشاف المُحبّ الصادق من أولئك ؟

والجواب: نعم ، أن المحبّ الصادق هو الذي يقف معك أيام الشدّة والضيق ، ويسعى وبكل ما أوتي من إمكانات ليدفع عنك المعاناة )

ولسيدنا الحجة الصدر ، حفظه الله أبيات شعرية في ذلك : يقول فيها :

اللصيقون في الرخاء كثيرون

       ولكنْ أين المحب الحقيقي ؟

سترى صادق الوداد يوافيك

       متى كنت في ضناً أو ضِيقِ

وللتاريخ أذكر ؛ أن سيدنا الحبيب الصدر ، حفظه الله ، كان في تواصل معي ، يومياً ، حينما أُصبت بداء ( كورونا) اللعين ، عام 2020  ، ولم يترك السؤال عني حتى من الله علي بالشفاء ، وذلك موقف لن انساه مادمتُ حيّاً .

فحيا الله سيدنا الحجة الصدر ، وبارك الله فيه وله وعليه .


مشاهدات 775
الكاتب محسن حسن الموسوي
أضيف 2024/01/19 - 2:53 PM
آخر تحديث 2025/12/09 - 10:27 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 415 الشهر 6510 الكلي 12790415
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير