ظروف مسكونة بنهاياتها
جاسم مراد
لا أحد يتصور ، بأن العراق كوطن وجغرافيا وشعب ، ليس مستهدفاً ، أو انه يعيش بمأمن بسبب اتفاقيات استراتيجية أو نصفية أو جزئية ، فتطورات الاحداث بالمنطقة إذ كان ذلك الذي يجري في غزة أو في السويداء بسوريا أو على الحدود الجنوبية اللبنانية ، أو المتوقع من جولة حرب جديدة بين ايران وتل ابيب ، وهذا ما يكرره دائماً المسؤولين الإسرائيليين وما يشير اليه الإيرانيون ، فالكل جزء من الكل ، فبعد رحيل نظام بشار الأسد وانسحاب قصد من الحدود المواجهة لربيعة ، والتدريبات والتحركات لتنظيم داعش في الصحراء السورية ، وإمكانية تهريب أو هروب الداعشيين من السجون التي كانت تحت سيطرة قصد ، والهجمات الإسرائيلية المستمرة على سوريا ، كل هذه العوامل تجعل من العراق هدفاً ، سيما وأنه الأول في المنطقة الذي فاز بالنصر على اخطر تنظيم إرهابي تكفيري اجتاح العراق مدنناً واراضي ومحافظات .
الحدود العراقية السورية التي تمتد لا كثر من ( 600) كيلو متر ، هي الان شبه خالية ، أو لنقل خالية من الجيش والامن السوري ، وربيعة هي الان ايضاً خالية بعد انسحاب قصد ، وفي الصحراء السورية داعش كما في سوريا العشرات من التنظيمات الإرهابية الأجنبية والمحلية ، وعيون واهداف هؤلاء جميعاً وبتأييد إسرائيلي ودول أخرى نحو العراق ، الامر الذي يحتم على جبهتين أساسيتين في العراق ، أولهما الجيش والقوى الساندة له ، يحتم الوضع عليهما اليقظة القصوى وعدم التراخي ومراقبة كل ما يجري بدقة متناهية مصحوباً بالتدريب ثم التدريب ، وعدم الركون للأقاويل والتصريحات والمواقف التي دائماً ما تشير الى استقرار الوضع أو إن العراق محمي بالاتفاقات .
أما الجانب الثاني ، وهو لا يقل أهمية عن الأول ، إن السلطة في العراق مطالبة الان اكثر من أي وقت مضى ، إعطاء الأولية لعمليات تنويع تسليح الجيش والامن والقوى الساندة بأفضل واحدث الأسلحة ، وتمشيط الحدود بأجهزة كشف ومراقبة متناهية الدقة ، والتركيز في هذه المرحلة بإعطاء أولوية تفعيل وزيادة ميزانية وزارة الدفاع والقوى الساندة لها ، وبأشراف قادة مهنيين مختصين مخلصين مشهود لهم بالوطنية والنزاهة .
الجانب الثالث ، كون هاتين القضيتين مترابطتين ، وعلى وفق مجريات الاحداث الجارية ، ومن اجل التحسب لكل طارئ ، يجب على مجلس النواب وكل القوى والتكتلات والأحزاب السياسية ، أن توقف عمليات التناحر وسياسات الاسقاطات ، وتوحد المواقف لصالح العراق اولاً ، وقوته العسكرية ، وجاهزيته لكل الطوارئ والاحتمالات وعدم الركون للتطمينات الخارجية ، وهذا الامر يحتم دعم القائد العام للقوات المسلحة ومنحه الصلاحيات وتنفيذ ما منصوص عليه في الدستور ، بالإضافة لصلاحيات إدارة الدولة التنفيذية بغية تعزيز قوة الدولة ومراقبة ومحاسبة كل من يتجاوز على حقوق الناس والقوانين ومصالح الدولة ، وهذا الامر يتطلب جهداً مشتركاً من الجميع ، لكون المرحلة تتطلب ذلك .
ومن المؤسف ما يراه المتابعون ، غير ذلك الذي يراه المتنافسون على مقاعد مجلس النواب القادمة ، فلم نلاحظ لا في خطاباتهم ولا في جلساتهم ، ولا في برامجهم إ ن وجدت تحذر الشعب من مخاطر الإرهاب وخلو الحدود السورية المقابلة للحدود العراقية من الجيش السوري الماسك بها ، وتحركات الإرهاب والتدريبات التي تجري في الصحراء السورية من قبل داعش وبعض الفصائل المؤيدة لهذا النهج .
إن الاحدث جميعها مترابطة ، والمنطقة تعوم على تطورات مازومة قد تفضي لأحداث خطيرة ، فعملية التأهب والاعتماد على القدرات الوطنية مسألة ضرورية جداً، وأن الظروف يا جماعة مسكونة بنهاياتها ، فعليكم الحذر وعدم التراخي ..