الجياشي: مركز الأمل يوفر جميع الإحتياجات
جهود حكومية في إعادة ودمج العوائل العائدة من الهول
رجاء حميد رشيد
في ظل اهتمام الحكومة العراقية بإغلاق ملف مخيم الهول وتأمين الحدود، تم تنفيذ سلسلة من الإجراءات الدقيقة لإعادة العوائل العراقية، وتأهيلهم ودمجهم مجتمعيًا ضمن خطة شاملة وبإشراف مباشر من الجهات المختصة.
وبهذا الصدد، تحدث مستشار الشؤون الستراتيجية في مستشارية الأمن القومي سعيد الجياشي وبصورة تفصيلية عن العمليات الدقيقة التي نفذتها الحكومة العراقية لإعادة العوائل وتأهيلها ودمجها مجتمعياً، وقال، إن مخيم الهول يقع في شمال شرق سوريا، ضمن محافظة الحسكة، ويبعد حوالي 13 كيلومتراً عن الحدود العراقية، ما يجعله تهديدًا أمنيًا مباشرًا للعراق، نظراً لما يحتويه من عوائل عراقية وسورية وأجنبية، أغلبها ( آبائهم وابنائهم ) من ذوي عناصر تنظيم داعش الإرهابي.
وأوضح ،أن الحكومة العراقية حرصت على التعامل مع هذا الملف بدقة، واتخذت قرارًا شجاعًا يقضي ببدء عملية نقل العوائل العراقية حصراً من مخيم الهول إلى داخل العراق، حيث شكّلت لهذا الغرض فريقًا حكوميًا يضم عدداً من الأجهزة الأمنية، بقيادة جهاز الأمن الوطني، لتنفيذ عمليات التدقيق وفق خمس مراحل رئيسية ،المرحلة الأولى: تتم داخل مخيم الهول، حيث يتم التأكد من أن الشخص عراقي، ولديه إثباتات ووثائق أو قرائن تدعم ذلك، وتتضمن المرحلة الثانية، التدقيق الاستخباري والقانوني، من خلال مراجعة الأسماء لمعرفة ما إذا كانت هناك مذكرات قبض بحقهم، أو ما إذا كانوا مطلوبين للقضاء أو يشكلون خطراً أمنياً استناداً إلى معلومات استخبارية ،وبعد اجتياز المرحلتين بنتائج إيجابية، يتم نقل الوجبة التي تم تدقيقها إلى مركز الأمل للتأهيل النفسي والمجتمعي جنوب الموصل، والذي تديره وزارة الهجرة والمهجرين، وتتحمل الحكومة العراقية كامل مسؤولية النقل، بما يشمل الباصات، والحماية، والتنظيم، ويبلغ عدد العوائل في كل وجبة نقل ما بين 200 إلى 250 عائلة.
وتابع بالقول ،عند وصول العوائل إلى مركز الأمل، يتم استلامهم رسمياً وتوفير السكن والمستلزمات الأساسية من مفروشات وأغطية واحتياجات إنسانية، وبعد أن تستقر العائلة تبدأ مرحلة جديدة تستمر لثلاثة أشهر داخل المركز، تتضمن(إعادة تدقيق وثائق إثبات الشخصية ،تسجيل حالات الزواج والوفيات والانفصال ،إصدار البطاقة الوطنية وفق القانون)،كما يتم إجراء مسوحات صحية، ومسوحات من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتحديد المستحقين، إضافة إلى مسوحات من منظمة الصحة العالمية يشارك في هذه المرحلة طاقم من المنظمات الدولية المعنية مثل اليونيسف والمنظمة الدولية للهجرة، تحت إشراف وزارة الهجرة والمهجرين.
بعد استكمال التأهيل، تبدأ الوزارة بمخاطبة الجهات الأمنية للحصول على الموافقات الرسمية لإعادة العوائل إلى مناطقهم الأصلية، ويتم التنسيق مع الحكومات المحلية حسب أماكن سكنهم الأصلية (محافظة، قضاء، ناحية، قرية)، وتُصدر قيادة العمليات المشتركة تخويلاً يسمح للعوائل بمغادرة مركز الأمل والعودة إلى مناطقهم، حيث تتولاهم الحكومات المحلية والأمن الوطني والجهات ذات العلاقة لاستقبالهم ودمجهم في بيئتهم الطبيعية التي غادروها سابقاً.
مستشار الامن
وأكدالجياشي أن هذه العمليات تجري بإشراف اللجنة العليا المعنية بملف الهول، التي يرأسها مستشار الأمن القومي، وتضم في عضويتها كلاً من:(وزيرة الهجرة والمهجرين،نائب قائد العمليات المشتركة ،رئيس جهاز المخابرات ،رئيس جهاز الأمن الوطني،مستشارين من مكتب رئيس مجلس الوزراء)، ويتم تنفيذ كافة المراحل من التحقق داخل المخيم، إلى النقل، فالتأهيل، ثم الإدماج بدقة وعناية وتحت إشراف أمني متكامل، البرنامج الأنمائي للأمم المتحدة ,تواكب عمليات الإدماج في المناطق.
وأشار إلى أن الحكومة العراقية مستمرة في إجراءاتها سواء داخل مركز الأمل أو داخل المناطق التي يعود إليها المواطنون، مؤكداً أن أي مواطن مطلوب للقضاء يُحال مباشرة إلى القضاء، وهو الجهة الوحيدة المخولة بالبت في قضيته سواء بالبراءة أو الإدانة، ولا توجد حصانة لأحد، والعملية تتم بشفافية وبالتنسيق الوثيق بين الأجهزة الأمنية والقضاء.
ونوّه إلى أن العراق يعتبر الدولة الأولى عالميًا التي نجحت في استعادة مواطنيها من مخيم الهول، وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع، لافتاً، بينما لا تزال العديد من الدول متلكئة أو مترددة، وبعضها فشل في عمليات إعادة ودمج رعاياها، فإن العراق أنجز هذه المهمة بنجاح كامل.
وفي ختام حديثه، دعا إلى زيارة مركز الأمل للاطلاع المباشر على سير العمل هناك، مشيرًا إلى أن العديد من العوائل العائدة لا علاقة لها بتنظيم داعش، بل إن الظروف أجبرتهم على التواجد في المخيم، وبعضهم ينتمي إلى عوائل معروفة ومحترمة، وأكد هدفنا الأساسي هو إعادة كل العراقيين إلى وطنهم وإلى مناطقهم الأصلية.
من جانبها أوضحت الدكتورة بشرى الزويني باحثة مشاركة في مشروع إعادة تأهيل عوائل( النساء والاطفال) من الدواعش العائدين من مخيم الهول،أنها عملت ضمن فريق مكوّن من مجموعة باحثات من خلفيات متنوعة، منهن أكاديميات وناشطات مدنيات، بالإضافة إلى مختصات في علم النفس وفريق استعراضي فني، وقالت إن الفريق، ومن خلال ملء استمارات وملاحظات ميدانية، كان يعمل على تقييم ما إذا كانت المرأة المصنفة ضمن العائدات متأثرة بتطرف تنظيم داعش ام غير ذلك.
وتابعت الباحثة، تم تجميع العوائل المستقبلة من مخيم الهول داخل الأراضي السورية، من العراقين فقط من النساء والأطفال في مخيمات جدعة (1، 2، 3، 4، 5...الخ )في محافظة نينوى شمال العراق.
وأشارت إلى أنها شاركت تحديدًا في مخيم جدعة( 5)، حيث تم استقبال النساء والأطفال الذين خضعوا لبرنامج تأهيل نفسي متكامل، يتم تنفيذه بالشراكة مع عدة جهات، من بينها مستشارية الأمن القومي، وزارة الهجرة والمهجرين، وزارة الصحة، وزارة التربية، إضافة إلى منظمات من المجتمع المدني، ويتضمن البرنامج دروسًا، وصفوفًا تعليمية، وأنشطة متعددة منها المسرحيات والحفلات.
وبيّنت أن البرنامج يمتد لأربعة أشهر، حيث تتم خلاله عملية ،اعادة تأهيل فكري إيجابي، لغرض دمج هؤلاء الأفراد في الحياة الطبيعية، وأضافت، من خلال هذه المرحلة، وبالاعتماد على المعايشة اليومية والمراقبة، نستطيع ادارة المخيمات التمييز بين المتطرفات وغير المتطرفات من النساء والأطفال ليتم التركيز عليهم في البرنامج التأهيلي
رسوم الاطفال
وأضافت الباحثة،في البداية، كان الأطفال يرسمون صورًا تتعلق بالذبح، والأسلحة، والمتفجرات، لكن مع استمرار الجلسات النفسية والأنشطة التأهيلية ، بدأت الرسومات تتغير تدريجيًا نحو الطابع السلمي والطفولي، حيث تم توفير أنشطة ترفيهية مثل مباريات كرة القدم ومحاضرات تعزيز السلام المجتمعي ورفض العنف ، كذلك وجود فِرَق نفسية متخصص لسماعدتهم على الاندماج في المجتمع وتجاوز الازمة النفسية التي تعرضوا لها.
وعند انتهاء فترة التأهيل، يتم ارجاع العائلات الى اماكن سكناهم القديمة ، إلا أن بعض العوائل، وخصوصًا اللواتي لديهن مشاكل ثأرية مع جيرانهن في مناطقهن الأصلية يرفضن العودة إليها، ويفضلن الانتقال إلى أربيل خوفًا من الانتقام، خاصة في الحالات التي يكون فيها الزوج أو الابن متورطًا مع داعش، وذلك أن معظم الأزواج والأبناء إما معدومون، أو مفقودون، أو مقتولون.
وبالمقابل، هناك عوائل ليست مشاكل وخلافات، فعادت إلى مناطقها الأصلية بعد أن يتكفل بها شيخ العشيرة.
وتابعت ،يستقبل المخيم النساء والأطفال دون سن 15 عامًا، وأكدت أن جميع القادمين يخضعون لفحص أمني دقيق من قبل مستشارية الأمن القومي وجهاز الأمن الوطني، وأنه لا يتم السماح بدخول عناصر إرهابية.
ومن خلال عملها، ذكرت الباحثة أن معظم النساء اللواتي تمت مقابلتهن ، واللواتي يمثلن نحو 200 عائلة تقريبا لم يكنّ إرهابيات، بل ضحايا احوال اسرة ، ويمكن تمييز المتطرفات منهن، على سبيل المثال، من خلال رفض نزع الخمار.
وأضافت أن كثيرًا من النساء تحدثن بصراحة لأنهن شعرن بالأمان والراحة في مخيم الجدعة، حيث أكدن أنهن عشن رعبًا حقيقيًا في مخيم الهول، لدرجة أن مشهد امرأة مقتولة أو مذبوحة في الصباح كان أمرًا مألوفًا. وعند سؤالهن عن أسباب هذه الجرائم، أوضحن أن عوائل داعش كانت تستهدف كل من لا تلتزم تخالف اوامرهم مما يؤدي الى تعرضهن لتشويه سمعتهن من قبل داعش الارهابي المتطرف ويت قتلها بحجة باعث شرف
وختمت الباحثة بأن جميع هؤلاء النسوة تم ترحيلهن لاحقًا إلى مناطق سكناهن الأصلية، أو تم منحهن سكنًا في أربيل بناءً على طلبهن، وتم إغلاق هذا الملف على ما اعتقد.
وبحسب المصادر الحكومية بلغت الاحصائيات الخاصة بالعوائل القادمة والمغادرة والمتبقية في مركز الأمل لغاية 22 حزيران 2025، بلغ عدد العوائل القادمة (4452) و عدد الافراد (17132) ،فيما بلغ عدد العوائل المغادرة (2947) وعدد الافراد (10799) ، وبلغ عدد العوائل المتبقية (1659)،وبلغ عدد الافراد (6292)، كما بلغت عدد الاضافات / الولادات(148) ،الوفيات(25) ،المعتقلين (159) ، بواقع 27 رحلة بتاريخ دخول المركز للفترة من مايس 2021 ولغاية 22 حزيران 2025.