الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإسلام دين الرحمة والتعايش بين الأديان

بواسطة azzaman

الإسلام دين الرحمة والتعايش بين الأديان

 نوري جاسم 


لطالما كان الإسلام رسالة عالمية تخاطب البشر جميعًا، دون تمييز بين أتباعه وغيرهم، فهو دين التوحيد والعدل والرحمة، ومع ذلك، قد يبدو للبعض أن القرآن يتضمن بعض الآيات التي تتحدث عن اليهود والنصارى بطريقة توحي بالتناقض، إذ نجد آيات تحذر من مواقف بعض أهل الكتاب، بينما نجد أخرى تشيد بصفات التقوى والخشوع فيهم، كما أن الإسلام يؤكد أنه جاء رحمة للعالمين، بمن فيهم اليهود والنصارى، مما يطرح تساؤلات حول العلاقة بين هذه النصوص وكيفية فهمها في سياقها الصحيح، وهنا تاتيك الإجابات كسنزانية والتي تؤكد وتقول ان القرآن حين يقول "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، فهو لا يدعو إلى العداء بقدر ما يوضح حقيقة نفسية واجتماعية، وهي أن الجماعات الدينية عادة ما تتمسك بمعتقداتها، وترى أن الحق معها، وهذا أمر طبيعي في سياق التدافع بين الأديان، لكنه لا يعني استحالة العيش المشترك أو بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل  وإن الإسلام نفسه يعترف بالأديان السماوية السابقة، ويعتبر أن اليهود والمسيحيين تلقوا رسالات إلهية سابقة، وإن طرأ عليها تحريف أو تبديل، لكنه لا ينفي وجود أناس صادقين في إيمانهم، مخلصين في تقربهم إلى الله، وفي ذات السياق يتحدث القرآن عن فئة من أهل الكتاب تكن عداءً شديدًا للإسلام والمسلمين، كما يقول "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا"، لكنه في المقابل يعترف بأن هناك من النصارى من هم أقرب مودة للمسلمين، لأنهم متواضعون لا يستكبرون، ومنهم القساوسة والرهبان الذين يخشون الله، فتفيض أعينهم بالدمع عند سماع آياته. هذه النظرة المتوازنة في القرآن تقدم رؤية واقعية، فكما أن في كل أمة صالحين ومفسدين، فإن أهل الكتاب ليسوا جميعًا على موقف واحد من الإسلام، فمنهم من يتعامل بعداء وتحامل، ومنهم من يقترب بإخلاص وإنصاف، وإن الإسلام لا يعادي أحدًا بسبب انتمائه الديني، بل يعارض الظلم والعدوان، أياً كان مصدره، ومن هنا نفهم أن دعوة الإسلام للقتال لم تكن قائمة على أساس العقيدة، بل على أساس التصدي للعدوان والاضطهاد  وحتى في أوقات الحروب،  ويؤكد السيد الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان القادري الحسيني قدست اسراره ( ان الإسلام 

وضع مبادئ إنسانية راقية تحمي المدنيين وتمنع الظلم والتعدي، فالإسلام في جوهره ليس دين صراع، وإنما دين عدل وسلام، يرفض الاضطهاد لكنه لا يمنع التعاون مع الآخرين على البر والتقوى، والرسالة المحمدية جاءت رحمة للعالمين، ولم يكن ذلك حصرًا على المسلمين، بل شمل اليهود والنصارى وسائر الأمم، فالرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لم يكن نبيًا لجماعة معينة، بل أرسل بالحق لهداية البشرية كلها، وهذا ما تؤكده الآية الكريمة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين") وهذه الرحمة تتجلى في تشريعات الإسلام التي تضمن الحرية الدينية وتحمي حقوق غير المسلمين، حيث منحهم الإسلام حرية العبادة، وضمن لهم الأمان في حياتهم وأموالهم ومعابدهم، وأقر بمبدأ التعامل بالحسنى، إلا في حال وقوع العداء والظلم، ولقد قدم الإسلام نموذجًا راقيًا في التعامل مع أهل الكتاب، فلم يكن الدين الذي فرض الإكراه على الآخرين، وإنما كان الدين الذي يحترم حرية الاعتقاد، ويدعو إلى الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد تجلت هذه القيم في حياة سيدنا النبي محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، والذي عقد المعاهدات مع اليهود، وتعامل مع النصارى باللين، وأرسى قواعد التعايش السلمي، وحتى عندما كانت هناك مواجهات عسكرية، لم يكن الهدف منها محاربة العقائد، بل مواجهة الغدر والعدوان.، وإن الإسلام في جوهره، دين يجمع ولا يفرق، فهو رسالة عالمية تهدف إلى تحقيق العدل والإحسان بين الناس جميعًا، دون النظر إلى انتماءاتهم الدينية، والآيات التي تتحدث عن اليهود والنصارى يجب أن تفهم في سياقها التاريخي والواقعي، وليس كدعوة إلى القطيعة أو العداء المطلق، وإن ما يجمع البشرية أكثر مما يفرقها، والإسلام يعترف بذلك، ويؤكد أن الأصل في العلاقات الإنسانية هو السلم والتعاون، وليس الصراع والتناحر، ومن هنا، نجد أن الإسلام ليس مجرد دين لمجموعة من الناس، بل هو رسالة إلهية تخاطب الضمير الإنساني كله، تدعو إلى التوحيد، وتحث على العدل، وترسخ قيم الرحمة والتسامح، فليس غريبًا أن نجد بين أهل الكتاب من تأثروا بهذه القيم، وخشعوا لسماع القرآن والذكر، كما قال تعالى "وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق". هذه الصورة القرآنية تؤكد أن هناك مساحة مشتركة بين الأديان، قائمة على البحث عن الحق، والسعي إلى التقوى، وأن الإسلام ليس دين صدام، بل دين احتواء، يقدم رسالة ربانية للبشر جميعًا، منفتحًا على الحوار، داعيًا إلى التعايش، مستندًا إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما  ...
 


مشاهدات 235
الكاتب  نوري جاسم 
أضيف 2025/04/26 - 1:36 PM
آخر تحديث 2025/04/27 - 10:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 476 الشهر 29150 الكلي 10909797
الوقت الآن
الأحد 2025/4/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير