لهفة الإنجاز تبخرها التراجعات
جاسم مراد
الكل يفرح بلهفة منقطعة النظير ، عندما يرى زقاقاً تم تبليطه وشارعاً تم تنظيف ارصفته ، وغرامة فرضت على البناء العشوائي الذي خرب الشوارع ،والمحاسبة للذين يرمون الاوساخ وكسر الطابوق والحصى التي تمنع المواطنين من المرور، وتوبيخ الذين لا يعالجون الحفر وبرك المياه الوسخة التي يتعثر بها طلاب وأطفال مدرسة السيادة الوطنية في الكرادة الشرقية ، والمحاسبة للذين يغسلون السيارات في الشوارع والازقة التي تخرب الشوارع من جهة وتترك المياه المتكدسة من جهة أخرى، ومياه المجاري تشتم رائحتها النتنة المقززة في الكثير من الازقة والشوارع ، بالمقابل هناك إنجازات في مجالات انشأ الجسور لفك الاختناقات وتوسعة للشوارع ورغبة وهمة عالية كما نتابع في إنشاء مصانع وتطوير الأخرى .
ولكن يبقى السؤال كيف يمكن الجمع بين النقيضين ، أناساً يبنون ويسعون للارتقاء ببغداد التي تستحق وفي المحافظات التي تحتاج ، واخرون وهم الأكثر الذين يتعكسون على الكسل وفقدان الرغبة وعدم الهمة ولا مبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية والوطنية ، أنه بحق يصعب تفكيكه إلا بسلطة حازمة قوية وصارمة عابرة للمذهبية والخوشية والتوزيعات الحزبية ، يكون همها العراق وبناءه وليس غيره ، وبالطبع هذا ليس من السهل تحقيقه على وفق التوزيعات القائمة بين اصحاح الجسم والعقل والرغبة وبين النطيحة والردية .
دلالة مرورية
هذا الامر لايتعلق في العاصمة وإنما عند زيارتنا لمحافظة بابل والقاسم وغيرها من المناطق ، فأنك تشعر بالاسى والحزن لما تراه فمحافظة بابل هي هي حتى لوتركتها اشهراً فأنها تعيش أسوأ حالاتها من شوارع فوضوية ومجاري لم تنتهي منذ سنوات ومدن خربة وغياب الدلالة المرورية ، فالكل يتمنى الهروب من هذه المدينة عندما تريد الذهاب الى النجف ، لكون المار في شوارعها لا يمكنه التخلص إلا بساعتين ، ويتمنى الجميع أن يكون هناك شارع حولي يخلصك من الدخول الى الممر الاجباري لهذه المدينة ، والحلة التي كانت اجمل محافظات العراق ، أصبحت الان في وضع لا يليق بأهلها وبتاريخها وعلمائها ومثقفيها ، أما الطريق الى الحمزة فعساك أن لاتراه أو تسير عليه ، فهو محطم تتربع وسطه وعلى اكتافه الحفر والمطبات ، ومدينتي الهاشمية والقاسم هما في حالة مأساوية الطرق والدلالات والنظام المروري والشوارع والساحات المدمرة وفوضى الباعة ، فلا تجد شيئاً يسرك قد انجز بعد هذه السنين الطويلة ، ولا يمكنك أن تفكر في وقت من الأوقات بأن هناك رغبة لدى المعنيين بإنجاز المجاري أو تشجير الساحات وتنظيمها ، وعندما تسأل عن الأسباب يأتيك الجواب بقلة التمويل ولا ندري الى اين تذهب الحصص المليارية للمحافظات وكيف تصرف ومن الرقيب على هذه المدن ؟ .
المتابع يقدر باحترام الجهد المبذول لرئاسة الحكومة ، ولكن مايجري في تلك المحافظات والمدن يشعر المرء بالتقزز على غير مايجري في محافظة الانبار والموصل ومدينة الفلوجة التي جرى فيهما تطور ملحوظ ، فهل المسألة في التمويل أم بهمة المعنيين وصدق الانتماء ..