الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
على المعلم أن يؤدي القسم

بواسطة azzaman

على المعلم أن يؤدي القسم

خليل ابراهيم العبيدي

 

لم يعد المعلم اليوم كما كان المعلم بالامس ، فقد كان أبا ، وكان قدوة ، وكان مثقفا ، وكان معبأ بالوطنية ، وكان برغم كل ظروف حياته في المدينة والريف ، كان معطاءا ، مضحيا بالسليقة ، فلقد ركب المعلم علي الوردي الدابة ليصل بها إلى القرية ، ليعلم الفتية أصول العربية ، وغيره علم أصول الحساب دون كلل او غياب ، وتحملوا قسوة الحياة وقلة الموارد والمرتبات ، وسؤ السكن حيث الصرائف وغرف الطين ، وحيث الطرق الترابية بعيدا عن اهاليهم في تلك الليالي الشتوية ، ويطبخون لانفسهم ويعدون الوجبات اليومية ، وهم يحضرون المواد ودروس الغد ،  وينظموا دفتر  الخطة السنوية ، هكذا كانوا وكانت حياتهم ، لكنهم ظلوا مشدودين لواجباتهم ، لم يعرفوا غير الاخلاص وتعبئة الأجيال بالعلم والاختصاص ، اما اليوم فان المعلم لم يعد بذاك المعلم الملم بابجديات الحياة ، لم يعد مثقفا ، صار قليل الخبرة حتى في اختصاصه ، والسبب مصدره المعاهد والجامعات ، لانها هي الأخرى باتت تعاني من ذات العلل والافات ، وهكذا بدأت الأجيال تتوارث عن بعضها قلة المعرفة ونقص في الثقافات ، حتى وصل الامر إلى عدم القدرة في لغتها الأم او بقية اللغات . فقد يحدث أن ترى طالبا جامعيا يخطأ في الأملاء ، او لا يستطيع أن يستوعب بقية اللغات ، وصارت العربية الركيكة هي لغة الرسائل والاطروحات ، وان  الشهادة الجامعية عادت علينا بامراض الامية ، وهكذا صار المعلم يتبع القدوة ، ويغش في الامتحان او يدفع الرشوة ، وانعكست الآثار على التعليم الابتدائي والاعدادي او حتى على تبني كرسي الاستاذية او كتابة الدراسات ، فالمكتبات عند كل مفترق طرق الكليات تقدم الجاهز من البحوث والاستنتاجات ، وصارت الشهادة موضع كل الشبهات .

ان المعلم هو من أنقذ سنغافورة من بؤسها وتخلفها ، فقد قال الرئيس المنقذ لهذه الدولة ( لي كوان يو) ، أنا لم اصنع المعجزة في سنغافورة انا فقط قمت بواجبي الوطني فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت طبقة المعلمين من طبقة بائسة إلى أرقى طبقة في سنغافورة ،. فالمعلم هو من صنع المعجزة ، نعم المعلم من صنع مجتمعنا في الخمسينات والستينات والسبعينات ، ،،، وهو نتاج فترة ما قبل نظام البعث الثاني،،، فقد كان التعليم هو من اوصل العراق إلى مقدمة دول المنطقة وشمال أفريقيا ، والمطلوب لكي ينهض العراق تخصيص ميزانيات تكفي لانقاذ المعلم من بؤسه وانقاذ المدارس من تخلفها والمناهج من توقفها . وعلى المعلم أن يتحول إلى صانع حقيقي للأجيال ، لا يقبل بما وصل إليها مجتمعنا ، بل عليه أن يؤدي القسم لدى تخرجه على أن يكون القدوة ، وان تساعده الحكومات على صنع المعجزة كما صنعها معلم سنغافورة .......

 


مشاهدات 136
الكاتب خليل ابراهيم العبيدي
أضيف 2025/02/25 - 10:36 PM
آخر تحديث 2025/02/27 - 11:11 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 322 الشهر 14905 الكلي 10460276
الوقت الآن
الخميس 2025/2/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير