تكميم المعدة

أميمة ابراهيم

لطالما رددت امهاتنا على مسامعنا عبارة»العقل السليم في الجسم السليم» لكي تقنعنا بتناول وجبة الطعام, وهي مقولة طالما آمنت بها , فكما هو معلوم ان اسلوب الحياة الصحي وفق اسس علمية سليمة يجب ان يتضمن عادات غذائية مبنية على تناول الاطعمة الغنية بالعناصر الاساسية كالبروتينات والكربوهيدرات والفيتامينات والألياف وغيرها, فضلا عن ممارسة الرياضة بانتظام , وهكذا نعزز الصحة العامة ونقي الجسم من العديد من الامراض. اذن ما الذي تغير بين اليوم والامس ؟!!   في الماضي ( ومع غياب هذا التطور) كان الطعام رغم بساطته يعتمد على ما هو طازج و الحركة جزءا من الحياة اليومية، فكما يقال «في الحركة بركة» ، أما اليوم فقد أصبحنا في عالم مليء بالخيارات السريعة والمريحة والقاتلة مليئا بالسكريات والدهون غير الصحية والاضافات والمنكهات الغذائية التي تجعلنا عرضة للسمنة والضغط والسكري وامراض القلب. وعلى وقع طبول التقدم السريع وظهور منصات التواصل الاجتماعية المتنوعة بدأ بحث الناس الهستيري عن انظمة غذائية مناسبة وبدأ معه السباق بين المختصين وغير المختصين بطرح حلولهم ونصائحهم الغذائية التي تهدف الى انقاص الوزن و.. زيادة الحيرة بين اتباع حمية الكيتو او الصيام المتقطع او الحميات النباتية او ربما الاكتفاء بشرب العصائر السحرية. بينما نجد ان هناك من لم يصبر كثيرا على تلك الأنظمة فراح يبحث عن حلول سريعة بأساليب جراحية (متناسيا عن علم او جهل لمشاكل جسمه الحقيقية ومتطلباته) ليقع في حيرة اعمق ويبدأ البحث المجنون عن ذلك الجراح الساحر الذي يجعل منه دونجوان عصره او يحولها الى ساعة رملية مثيرة . وليس اسهل على الجراح من تكميم المعدة كما تكميم الافواه , ولا ابسط من تغيير مسارها كما تغيير الحقائق والآراء , فالهدف واحد هو تقليص المساحة الممنوحة .. لحرية تناول الطعام  علينا ان نفكر جديا قبل ان نلجأ الى الحلول .. الجراحية السريعة التي لا تؤدي إلى تغيير حقيقي وقد تخلق مشكلات أكبر في المستقبل , فالحل يكمن في التصحيح التدريجي والمستدام والبحث عن المختصين الذين يسعون الى بناء الجسم بناء صحيحا بدلا من هدمه ومعالجة الأسباب الجذرية للمشاكل بدلاً من محاولات التحايل عليها لكي نحافظ على جسم رشيق وعقل رشيد.