الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل نحن في زمن الرواية القصيرة ؟


هل نحن في زمن الرواية القصيرة ؟

عصام البرّام

 

 

شكلت الحياة اليوم بتطورها المتنوع بين العلوم الطبيعية والانسانية وفي كل المجالات ونواحي الحياة الأخرى، انعطافاً قاد بتأثيره الواضح على مفردات الحياة بكل تفاصيلها، ومنها على الادباء والكتّاب وبالتالي على  الأدب والكتابة بعدة عوامل، تقف على مقدمة هذه العوامل، التطورات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، التي سنتناولها لاحقاً، فإذا كانت الحياة تتسارع وتتغير بسرعة،  فأن هناك سعي لتطور آخر يواكب ما يحصل من انتقالات وتطورات،  فمنها كون لنا اتجاه نحو تقديم النصوص الابداعية الأدبية بشكل أكثر تكثيفًا أو تخصيصًا للوقت، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فأن القصة الومضة قد تصبح شكلًا أكثر شيوعًا في المرحلة القادمة، لأنها تسمح بتقديم قصص مكثفة وقوية في وقت قصير، كذلك الحال بالنسبة للرواية القصيرة، كجنس ادبي مستقل بحاله، ليس برواية مختصرة.

ومع تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا واتساع منصات التواصل الاجتماعي بكل انواعها، يمكن أن يكون لهذا تأثير على طريقة تقديم القصص الومضة والروايات القصيرة، وحتى قصيدة الومضة والهايكو العربي،  وقد يكون هناك اهتمام أكبر بالنصوص القصيرة والمختصرة التي يمكن قراءتها بسرعة عبر وسائل الإعلام الرقمية وانت في رحلة نقل الى محافظة اومدينة اخرى.

إلا إن ينبغي ملاحظة أن هناك مكانًا لكل من الرواية القصيرة والقصة الومضة والأشكال الأدبية الأخرى التي اشرنا اليها، حيث يعتمد اختيار الكتّاب والأدباء على أسلوبهم الفني والرؤية التي يرغبون في التعبير عنها، وقد يكون هناك اتجاه نحو التنوع واستخدام مختلف الأشكال الأدبية، لإستيعاب متنوع من الجمهور والتعبير عن تجارب متعددة في الكتابة.

وعلى العموم، فان الاتجاه الأدبي السائد يعكس تفاعلًا بين مختلف العوامل الاجتماعية والثقافية والتقنية، وقد يكون متغيرًا مع مرور الزمن بحكم تطور وسرعة إيقاع الحياة.

ولا يمكن القول بوضوح مطلق أيضاً، إنه الآن هو عصر الرواية أو القصة القصيرة، حيث يمكن أن يكون هذا مرتبطًا بالاتجاهات الأدبية الحالية، وتفضيلات القرّاء والكتّاب في فترة زمنية معينة، وقد يشهد الوقت تفضيلًا للروايات القصيرة أو القصص الومضة او نص قصيدة الومضة  أو الهايكو العربي المكثف بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل، مثل الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية وحتى غير السياسية.

لذا فأن اتجاه البعض نحو السعي في تكثيف النصوص الروائية والقصصية والشعرية الطويلة والتحول الى الرواية القصيرة والقصة الومضة  ناجمًا عن عدة عوامل.

الفرضية الاولى أوالسؤال الاول/ لماذا يتجه القاريء الى النصوص القصيرة .. كالرواية القصيرة أو القصة قصيرة الومضة  أو شعر الومضة او غيرهم من النتاجات الابداعية للأسباب التالية:

1/ تطور وتسرّع الحياة:  مع تقدم التكنولوجيا وزيادة الاكتشافات ووسائل الاتصال، قد يجد القرّاء صعوبة في الالتزام بأعمال طويلة، وبالتالي قد يتجهون نحو الأعمال الأقصر والأكثر تركيزًا أو تكثيفاً. 

2/ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي: يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي قد أثرت على طريقة تفاعل الناس مع النصوص الطويلة، لذا تجدهم يتجهون نحو القصص الاكثر قصيراً.

3/ سرعة التوصل إلى القصة: قد يجذب شغف القراء المعاصرين نحو الروايات القصيرة التي تقدم قصصًا مليئة بالتشويق والإثارة في فترة زمنية أقصر.

4/ التغيرات في العادات القرائية:  مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، فأن الكثير من عادات الناس تغيرت، وقد يزداد انتشار الرواية القصيرة  اليت يمكن قراءتها بسرعة ومشاركتها بسهولة عبر الإنترنت.

5/ قصر الانتباه: في ظل تزايد التشتت والانشغال بالمهام اليومية وتعقيداتها، قد يكون من الصعب على البعض الالتزام بقراءة رواية طويلة، كذلك الذين لا يهون عليهم الجلوس للقراءة لفترة طويلة.

6/اختصاراً للوقت:  وقد يكون لدى القرّاء والمستهلكين وقت محدود للاستمتاع بالقراءة، مما يجعل النصوص القصيرة أكثر جاذبية لهم.

أما الفرضية الثانية أوالسؤال الثاني ، حول لماذا يحاول الأدباء والكتّاب التوجه نحو النصوص الروائية القصيرة  والقصص القصيرة أو الومضة وكذلك الشعرية المكثفة الومضة او الهايكو العربي،  تقف هناك عدة عوامل قد تلعب دورًا في ذلك:

1/ تطور الأسلوب الأدبي:  مع تطور الأساليب الأدبية، قد يكون هناك اهتمام أكبر بالتجريب والتجديد في الكتابةلدى الكتّاب والادباء.

2/ التجديد والتنوع: يمكن للرواية القصيرة تقديم تجارب قراءة متنوعة ومبتكرة بشكل أسرع من الرواية الطويلة.

3/ الأذواق الثقافية والتطورات الاجتماعية:  قد تؤثر التغيرات في الأذواق الثقافية والقيم الاجتماعية على انتشار نوع معين من الكتابة.

4/ التجديد والإبداع: بعض الأدباء و الكتّاب يسعون إلى تقديم شكل جديد من الأدب أو إلى التجديد في الاساليب والأشكال القائمة.

5/ التحدي الفني: قد يشعر الأدباء والكتّاب برغبة في تحدي أنفسهم من خلال تقديم أفكارهم بشكل مبتكر ومختصر، وهذا يمكن أن يؤدي إلى استخدام الأشكال الأدبية القصيرة.

6/ تغيير اهتمامات القرّاء: قد تتغير اهتمامات القرّاء مع مرور الزمن، مما يؤدي إلى بحث الاديب والكاتب عن نصوص تتناسب مع انشغالات القراء واهتماماتهم.

7/ الانتقالية وسهولة الوصول: مع انتشار منصات النشر عبر الإنترنت، أصبح من الممكن نشر نصوص قصيرة بشكل أسرع وأسهل.

أن هذه الأسباب قد تكون جزءًا من الصورة، ولا يمكن التعميم بشكل كامل على الحالة الأدبية في كلّ مكان. فالأدب هو مجال ديناميكي يتأثر بالعديد من العوامل، ولذلك قد يظل توازنًا ما بين الأعمال الطويلة والقصيرة حسب الظروف والتطورات المستقبلية.

بشكل عام، يمكن اعتبار تقليل أو تكثيف النصوص ردًّا على التحولات الثقافية والاجتماعية والتكنولوجية التي نمر بها في العصر الحالي، مما يجعل الأدباء يبحثون عن وسائل جديدة للتواصل مع القراء ولفت انتباههم

لا يمكن التنبؤ بدقة مطلقة بتطورات عالم الكتابة والأدب وسوق القراءة،  إذ يمكن أن يختلف من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر، وعلى الرغم من ذلك، هناك من العوامل التي يمكن أن تؤثر على شعبية الرواية القصيرة مقارنة بالرواية الطويلة    

 وقد يكون للرواية القصيرة دور متزايد في عالم الكتابة والأدب، وقد يكون لديها جمهور مختلف ومتنوع، ومع ذلك فأن الرواية الطويلة لها قيمتها الخاصة ولها جمهورها الذي يقدر عمق السرد وتطور الشخصيات على مدى فترة زمنية أطول.


مشاهدات 60
الكاتب عصام البرّام
أضيف 2025/02/11 - 2:12 PM
آخر تحديث 2025/02/11 - 6:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 457 الشهر 5968 الكلي 10401339
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/2/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير