فاتح عبد السلام
ابتدأ رئيس الحكومة العراقية مهامه بزيارة شهيرة الى مستشفى، وكان غاضباً من سوء الأوضاع، وطالب وزير الصحة ومدير المستشفى بتغيير ذلك الواقع المزري خلال مدة محددة. لا أحد يدري ماذا حصل بعد ذلك من تغييرات في حال المستشفى، كما لا توجد معلومات واضحة عن أوضاع المستشفيات الأخرى بعد ان تمّ كشف هزال مستشفى واحد. غير انّ المعلومات الدقيقة تصل من خلال العراقيين أنفسهم الذين لايزالون يعانون في المستشفيات الحكومية من مختلف أنواع النقص في الخدمة والأداء والدواء. وانّ المستشفيات الخاصة تتقدم المشهد في كونها وجهة المرضى الذين يمتلكون رسوم العلاج، او تكون مستشفيات دول أخرى هي وجهة طالبي العلاج والعمليات والتشافي.
قطاع الأطباء عانى كثيرا بعد العام 2003 ، واصبح استهداف الطبيب في بعض المدن مطلبا للصوص والجماعات الارهابية والمسلحة على حد سواء لأسباب تخص الابتزاز أو كجزء من تصفيات تهشيم بناء الدولة والمجتمع التي اشتغلت عليها أجهزة مخابرات عدة، من دول الجوار الى عواصم كبيرة.
غير انه في المقابل كانت كليات الطب والتمريض مستمرة في تخريج الدفعة تلو الأخرى، وكذلك في مجال الدراسات العليا ، كما انَّ كثيراً من الذين نالوا الشهادات الطبية من الخارج عادوا الى العراق وبعضهم ارتد على عقبيه راجعا من حيث اتى بعد ان صدمه الواقع في المؤسسات الصحية الرسمية او الخاصة . أي ان الكم في توفير اعداد في مجال الصحة لم يحظ بعانية لفرز النوعية وتكريس التفوق والتميز.
اصبح السياسيون مالكي مستشفيات، وصار الأطباء الجدد مجرد موظفين ينهشهم الملل حتى تنتهي وجبهم ويغادرون، في حين لا توجد استراتيجيات عامة للدولة في العناية بالطب الخاص ، لكي نحاكي تجارب مجاورة في الأقل، تزاول السياحة الطبية كمورد للدخل القومي ، ولا أقول نتفوق عليها او ننافس تجارب دول متقدمة.
الى متى يبقى المواطن العراقي غير واثق من العلاج في المستشفيات المحلية؟ والى متى يدخل “العراقي” المستشفى الحكومي مثل متسول او مغضوب عليه مطرودا من الرحمة والشفقة ومتروكا لجشع الذين يصطادوه في ردهات المستشفيات أو على ابوابها.
هذا الكلام عن مستشفيات في العاصمة بغداد، وليس عن مراكز صحية او مستوصفات يرثى لها في بلدات وقصبات بعيدة او عن الموصل التي تقع خارج أي منطق في غياب المستشفيات بسبب الحرب.
هل وجد مجلس النواب وقتاً من عدة ساعات ليناقش وزير الصحة ويستجوبه من دون ان تكون هناك صلة سياسية بالاستجواب وانما المسألة مهنية وطبية، لكي نعرف منه كم مستشفى زار، وكم نسبة افتتاح المراكز الصحية، وكم بلدة تشكو النقص، وكم نسبة تلبية النقوصات في الكوادر والأدوية وبرامج تطوير المؤسسات الصحية؟
رئيس التحرير-الطبعة الدولية