الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
دموع‭ ‬ومهرجان

بواسطة azzaman

دموع‭ ‬ومهرجان

نزار محمود

 

انها‭ ‬دموع‭ ‬كثيرة‭ ‬ومختلفة‭ ‬الألوان‭ ‬تنساب‭ ‬على‭ ‬خد‭ ‬مدينة‭ ‬أم‭ ‬الربيعين،‭ ‬كما‭ ‬تكنى‭ ‬الحدباء‭.‬

دموع‭ ‬تحكي‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بأهلها‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬عجاف‭ ‬عاشت‭ ‬فيها‭ ‬القتل‭ ‬والحزن‭ ‬والألم‭. ‬ودموع‭ ‬تبكي‭ ‬الآلاف‭ ‬الذين‭ ‬هجروها‭ ‬ليركبوا‭ ‬البحر‭ ‬ويلجأوا‭ ‬الى‭ ‬الغربة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الأهل‭ ‬والوطن‭.‬

في‭ ‬قاعة‭ ‬انتظار‭ ‬لشرطة‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬احدى‭ ‬المدن‭ ‬الألمانية‭ ‬يجلس‭ ‬شابان‭ ‬قد‭ ‬تعارفا‭ ‬على‭ ‬التو‭ ‬على‭ ‬بعضهما‭. ‬هذا‭ ‬ينتظر‭ ‬تمديد‭ ‬الاقامة‭ ‬وذاك،‭ ‬يخشى‭ ‬الرفض‭ ‬والترحيل‭! ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شاب‭ ‬ثالث‭ ‬يستمع‭ ‬اليهما،‭ ‬يلفه‭ ‬القلق‭ ‬وقد‭ ‬تقدم‭ ‬بطلب‭ ‬لم‭ ‬شمل‭ ‬زوجته‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬زمن‭ ‬انتظار‭ ‬مجيئها‭ ‬الى‭ ‬المانيا‭.‬

أحدهم‭: ‬هل‭ ‬سمعتم‭ ‬أنهم‭ ‬بدأوا‭ ‬يعيدون‭ ‬الاحتفال‭ ‬بمهرجان‭ ‬الربيع‭ ‬في‭ ‬الموصل؟‭ ‬كم‭ ‬كانت‭ ‬مواكب‭ ‬ذلك‭ ‬المهرجان‭ ‬جميلة،‭ ‬وحفلاته‭ ‬وسهراته‭ ‬وتزيين‭ ‬المدينة،‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬ثيرانها‭ ‬المجنحة‭ ‬كانت‭ ‬نزهو‭ ‬بالآلاف‭ ‬المؤلفة‭ ‬من‭ ‬ابناء‭ ‬مدينتها‭ ‬وهم‭ ‬يرفعون‭ ‬الأعلام‭ ‬والرايات‭ ‬ويدفعون‭ ‬ببالونات‭ ‬الهواء‭ ‬الى‭ ‬السماء،‭ ‬وينيرون‭ ‬الليل‭ ‬بالألعاب‭ ‬النارية‭ ‬الجميلة‭.‬

ذهبنا‭ ‬الى‭ ‬عرافي‭ ‬المدينة،‭ ‬نسألهم‭: ‬متى‭ ‬تغطي‭ ‬هذه‭ ‬الدموع‭ ‬بسمات‭ ‬الفرح‭ ‬التي‭ ‬ننتظرها‭ ‬على‭ ‬شفاه‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬صغار‭ ‬وكبار؟‭!‬

سنفرح‭ ‬عندما‭ ‬تختفي‭ ‬صور‭ ‬آلاف‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يجولون‭ ‬الشوارع‭ ‬والمزابل‭ ‬فيعودون‭ ‬لينتظموا‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬مدارسهم،‭ ‬وسنفرح‭ ‬عندما‭ ‬يجد‭ ‬كل‭ ‬عاطل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وظيفة‭ ‬يعتاش‭ ‬منها‭ ‬ويكون‭ ‬له‭ ‬أسرة‭ ‬سعيدة‭. ‬وسيغمرنا‭ ‬السرور‭ ‬عندما‭ ‬ننتصر‭ ‬على‭ ‬الضغائن‭ ‬السياسية‭ ‬والعرقية‭ ‬والدينية‭ ‬والطائفية‭. ‬كم‭ ‬سيكون‭ ‬حلماً‭ ‬جميلاً‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬الاخلاص‭ ‬والأمانة‭ ‬والنزاهة‭ ‬في‭ ‬معلم‭ ‬وقاض‭ ‬وطبيب‭ ‬وشرطي‭ ‬ورجل‭ ‬دين‭. ‬سنعيش‭ ‬في‭ ‬سعادة‭ ‬عندما‭ ‬نشعر‭ ‬بكرامتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬وسيادتنا‭ ‬على‭ ‬أرضنا‭ ‬وثرواتنا‭.‬

عندها‭ ‬وعندها‭ ‬فقط‭ ‬سيرضى‭ ‬عنا‭ ‬الله‭ ‬وملائكته‭ ‬وأنبياؤه،‭ ‬وسيكتب‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬لنا‭ ‬الحق‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬نرقص‭ ‬ونغني‭ ‬وتزهو‭ ‬مواكبنا‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل،‭ ‬وتمر‭ ‬مياه‭ ‬دجلة‭ ‬بأمان‭ ‬واطمئنان‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬جسور‭ ‬المدينة‭ ‬العتيقة‭.‬

برلين،‭ ‬17‭.‬04‭.‬2024


مشاهدات 130
الكاتب نزار محمود
أضيف 2024/05/04 - 1:57 PM
آخر تحديث 2024/05/18 - 10:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 184 الشهر 6987 الكلي 9345025
الوقت الآن
السبت 2024/5/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير