الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة في كتاب نكون أو لا نكون

بواسطة azzaman

قراءة في كتاب نكون أو لا نكون

التغيّرات المناخية ظاهرة تتطلّب التثقيف لمواجهتها

آلاء الخيّرو

 

جميل ومهم أن نزرع شجرة، فذلك سيخفف من تأثير التغيرات المناخية، لكن الأهم من ذلك، أن نفهم كم تستهلك تلك الشجرة من المياه؟ وكيف يمكننا تأمين تلك المياه ؟ فضلاً على معرفة فائدتها ومدى تحملها للبيئة التي تزرع فيها مع واقع التغيرات المناخية. بخلاف ذلك سنخسر الشجرة والماء وأيضاً ستسبب بزيادة الاحتباس الحراري.. هذا ما كتبه الدكتور منتصر الحسناوي والدكتورة منال العبادي في مقدمة كتابهما «نكون أو لا نكون... التغيرات المناخية» الصادر عن دار الشؤون الثقافية العامة .

تغير مناخي

وأشار الكتاب في صفحاته إلى التغير المناخي وما أخبرنا به سابقاً عن الواقع الذي سنعيشه اليوم، وما ستكون عليه حياتنا في ظل تلك التغييرات، وقد قدمها الدكتور منتصر الحسناوي  من خلال الأفكار التي طرحها والابتكارات التكنولوجية التي دعمها من خلال دوره في المجتمع، وعمله ضمن كروب التغيير المناخي، فكان لابدَّ من أن يلعب دوراً مهماً في مجال مواجهة تغير المناخ وتطوير الحلول البديلة التي ليست مسؤولية الحكومات فقط بل إنَّ الأفراد يلعبون الدور الأساسي في تحسين التكنولوجيا الملائمة    للمناخ

ويتساءل الكتاب عن العوامل التي تعد مسؤولة عن المناخ؟ كما يتيح نظرةً شاملةً عامةً، تسهل قراءتها على الخبير أو القارىء غير المختص، والأهم أنَّه يفضي إلى مناقشة عامة حافلة بالتنوع في وجهات النظر، وفق التقديرات الخاصة بالخيارات، حيث ناقش الكتاب في مقدمته أسباب التغيرات المناخية التي يمثلها النشاط الشمسي والبراكين، وتغير مواقع القطبين، وانزياح القارات، ومدار الأرض حول الشمس والاحتباس الحراري. كما أجاد المؤلف في تقديمه عرضاً تاريخياً لتأثير التغيرات المناخية على عددٍ من المدن، وكيف كانت هذه التغييرات سبباً في انهيارها وطمرها ونسيانها لآلاف السنين، إذ لم تعد لها رجعة إلا ما بقي من آثار أغلبها ما تزال مطمورةً تحت الأرض إنَّ التغيّر المناخي غير المكبوح الجماح سوف يزيد وطأة المشكلات البيئية القائمة في هذه المنطقة من العالم، وسوف يؤدي إلى تراجع نسب المتساقطات، مع اقتران هذا التراجع بمستوى أعلى وأشد لتبخر الماء نتيجة درجات الحرارة الأعلى في المنطقة التي تعد قليلة المياه على أية حال إلى مآزق دراماتيكية. أما ما يواجه التهديد الأكبر والأخطر فهو النظم الزراعية، وهو بعبارات أخرى دخل الأعداد الكبيرة من السكان وأمنهم الغذائي الحيوي. كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف، والأوضاع المناخية الأخرى لن تترتب عليها ألوان من تدمير البيئة فحسب، بل ستترتب عليها أيضاً اضطرابات اجتماعية، ونزوح وهجرة، وصراعات أخرى.     لقد عبرت صفحات الكتاب عن بداية تاريخ الاكتشاف العلمي للتغير المناخي، حيث أن العالم في أوائل القرن التاسع عشر تقريباً تفرغ لدعم التنمية وخاصة الصحة والطاقة، وهذه هي من القطاعات الأساسية في تغير المناخ.                                      وكما قدمت، نتائج الأبحاث في السنين الأخيرة والتي تشير إلى أنَّ احترار الأرض سيتواصل بسرعة أكبر مما كان متوقعاً، وأنَّ نتائجه يمكن أن تكون أبعد من ذلك، وأكثر دراماتيكية مما كان يجري التكهن به، ومن تبعات التغير المناخي الذي أشار إليه الكتاب: انكماش الكتل الجليدية الأزلية، انحسار البحار المتجمدة في القطب الشمالي، ذوبان طبقات الجليد السرمدي، ذوبان الدرع الجليدية في القطب الجنوبي، ارتفاع مستوى سطح البحر، تغير التيارات البحرية، حالات الطقس المتطرفة، التأثيرات في النظم البيئية، التأثير على الزراعة والأمن الغذائي، انتشار الأمراض، كما يعرض الكتاب طرقاً للحل استعرض المؤلفان التغير المناخي تاريخياً،ومنها العصور الجليدية وغيرها من التغيرات في المناخ قديماً، وعرفت ظاهرة الدفيئة الطبيعية لأول مرة، وفي نهايات القرن التاسع عشر ناقش العلماء انبعاثات الغازات الدفيئة الصادرة عن البشر التي تغير المناخ، وهذا ما أجمع عليه العديد من العلماء. ووفق ما ورد في الكتاب، يعيش العالم اليوم مرحلة حرجة من تأريخ البشرية نتيجة للتغيرات المناخية المتسارعة بسبب النشاط البشري المتزايد في استهلاك الوقود الأحفوري، وزيادة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتلوث من مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والتوسع العمراني، ومخاطر التغير على المياه العذبة، فضلاً عن زيادة عدد السكان.وقد أجاد المؤلفان بتوصيف وتحليل ظاهرات منها النينو وتفصيلها بعبارات موجزة تحمل من غنى الدلالة وقوة المعنى ونضج المعلومة، وظاهرات أخرى مثل ظاهرة لانينا وظواهر طقسية متطرفة، وأعاصير مدارية، ومخاطر على المياه العذبة والصحة، وهناك آثار اجتماعية، ومخاطر أمنية واقتصادية، وتأثير على الزراعة والأمن الغذائي تمتد على صفحات كتاب ممتع بأسلوب مباشر موجه لكافة القراء. أما في العراق فـأن التغيرات المناخية لها تأثير كبير فالغبار يملأ الجو وتثيره الرياح الساخنة وهناك مساحات شاسعة من الأراضي القاحلة تنتشر فيها أشجار النخيل العنيدة التي تكافح بصبر للصمود أمام عوامل الطبيعة، وخاصة أن الحضارات تزدهر بالتوازي مع كمية الأمطار ووفرة الغذاء، ولكن بمجرد أن تتوقف الأمطار عن المناطق لفترات طويلة من الزمن، فأن هذا يتسبب في المجاعة وعدم الاستقرار السياسي والحروب الأهلية والغزوات الأجنبية. وبعدها تصبح هذه الدول صاحبة المستوى الأعلى من انبعاثات غازات الدفيئة   كما قدم الكتاب ما يمكن تنفيذه من تقنيات حديثة في قطاعات الطاقة والكهرباء والزراعة والنقل والتبريد والصناعة بالإضافة إلى فصل صغير حــــــــول التكيف مع آثار تغير المناخ. ويعتقد الكتاب أن انهيار المناخ قد بدأ بوتيرة أسرع من القدرة على مواجهته، مناشداً الجميع إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بعد تسجيل الصيف الأسخن على الإطلاق.

كمية الانبعاث

مشيراً إلى أن أهم قطاع يمكن فيه تخفيض الانبعاث  هو الطاقة وخاصة إنتاج الكهرباء والذي يمكن ان يحدث تغيراً هائلاً في كمية الانبعاث في حال أن تم التحول العميق نحو الطاقة المتجددة وتخزينها بشكل مستمر إضافة إلى إجراءات كفاءة الطاقة في قطاع النقل هنالك فرص كبيرة في التحول نحو السيارات الهجينة والكهربائية وتطوير النقل العام. أحد أصعب القطاعات هي الصناعة نظرا لعدم وجود بدائل تكنولوجية ملائمة حتى الآن في إنتاج الإسمنت والحديد الصلب والأسمدة وهي الصناعات الأكثر إنتاجا للغازات الدفيئة. أما في قطاع الزراعة فإنَّ الحل الأهم يكمن في زيادة الاعتماد على الغذاء النباتي أو حتى اللحوم المنتجة نباتياً وتخفيض إنتاج الميثان من ممارسات تربية الأبقار لإنتاج اللحوم الحمراء.  وأخيراً، عند قراءتي لهذا الكتاب وجدت حيزاً يدعو للتفاؤل بمقدرة وتمكن بعرض كافة الحلول التكنولوجية على ما يمكن للسياسات الحكومية أن تقدمه وكذلك على استثمارات القطاع الخاص وتحقيـــــــــــــــــق التوازن ما بين العــــــــــــرض والطلب في التقنيات الرفيقة بالمناخ وأيضا تركيزه على الخطط التي يمكن أن تعمل وبلبوس مختلفة.                                                                                                                    من اللافت للنظر أن الكتاب ركز وبشكل بارع على أسلوب السرد المعلوماتي حول المناخ منذ مظاهر الحياة الأولى إلى عصرنا الحاضر وحتى التوقعات المستقبلية، على القضايا السلوكية التي تؤثر في تدارك المشكلة أو محاولة إيقاف تفاقمها، حيث يجب أن نكون جمــــــــــيعاً عازمين وبجدية على الارتقاء بملف التغيرات المناخية، لأننا ندرك خطورته على الأصعدة كافة كل من مكانه وبما يستطيع على قدر المسؤولية، حيث أن الواقع صعب والمستقبل مجهول،   

لكن هناك أمل مع الأخذ بزمام المبادرة. وهذا هو لتلخيص للواقع مع الكثير من التقارير العلمية والرسمية والدولية والمحلية، التي على أساسها صنف العراق كخامس أكثر البلدان عرضة للانهيار المناخي، وقد يساهم في شيء من تثقيـــــــــــــف الجمهور وإطلاع صناع الــــــــــــقرار في العراق أولاً والعالم ثانياً على هذا الموضوع، فكان عبارة عن محاضرات وجيزة تبســـــــــــط مبادىء العلم عبر مئتي صفحة.

 


مشاهدات 192
أضيف 2024/04/30 - 7:11 PM
آخر تحديث 2024/05/20 - 12:43 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 35 الشهر 7712 الكلي 9345750
الوقت الآن
الإثنين 2024/5/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير