الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المأمول للمبادرة من قمة البحرين

بواسطة azzaman

المأمول للمبادرة من قمة البحرين

فؤاد مطر

 

ترك التركيز في معالجاتنا كصحافيين ومحللين على الموقف غير الموضوعي من جانب الرئيس جو بايدن وعدد من رؤساء دول حلف الأطلسي على ما حدث وما زال يتوالى إبادة وتدميراً وتجويعاً للشعب الفلسطيني في غزة وإستهانة «هتلر» هذه الهجمة غير الإنسانية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بتمنيات الرئيس الأميركي الحليف، إنطباعاً بأن السابقين كانوا أقل ممالاءة للتوجه الصهيوني، وبالذات من هؤلاء الرئيس السابق دونالد ترمب والرئيس الأسبق بيل كلينتون بمعنى أنهما كانا إزاء «إسرائيل نتنياهو» بالذات أقل تعاطفاً وتنبيهاً لإقترافات من جانب أبطش رئيس حكومة في إسرائيل، مع أن ما صدر عن الإثنين من مواقف ومن لفتات كانت تتسم بتعاطف غير مسبوق من جانب رئيس الدولة العظمى نحو رئيس حكومة إسرائيلية والذي هو تحديداً بنيامين نتنياهو تجاوزت في المضمون والمعنى والظروف بعض أقوال وأفعال ترمب وكلينتون من قبْل، فقد كان الرئيسان ترمب وكلينتون على درجة من التودد إلى نتنياهو على نحو ما تشير وقائع شخصية ومصيرية غائبة عن الذاكرة بفعل زخم الأحداث وأحياناً الحروب التي عاشتها المنطقة العربية وتندرج دواعيها في الصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي الذي طالما إستنزف ثروات عربية بشرية وبرامج تنموية، فيما كانت إسرائيل المعتدية تزداد تنمية وشأناً عسكرياً.

دولة عظمى

 أبدأ بإحدى الوقائع غير المسبوقة بالذات من جانب رئيس الدولة العظمى الولايات المتحدة، وخلاصتها أنه في إحدى زيارات نتنياهو إلى واشنطن إصطحب العائلة، وخلال إستقبال الرئيس كلينتون لضيفه الإسرائيلي وزوجته سارة وولديهما أفنير ويائير داعب الرئيس الأميركي وهما في غرفة الإستقبال أحد الولدين فيما الوالدة سارة والوالد بنيامين في غاية السعادة لأنهما أمام رئيس الدولة الأعظم يتصرف بعفوية ويجد نفسه ربما من باب ممالئة زائره مداعبة الإبن، وبطبيعة الحال إن مثل هكذا لفتات عفوية شخصية لها عوائد من بينها تجديد الولاية الرئاسية وتلك فرصة نالها ويسعى الرئيس بايدن جاهداً الحصول على نيْل مطلب تجديد رئاسة بعد ستة أشهر غلاباً وليس فقط بالتمني وحاله في ذلك من حال الرئيس السابق دونالد ترمب الذي يحاول رئاسة أو لا ينالها إغتيالاً بعد تلويحه بحالة دموية تنشأ نتيجة عدم فوزه أو بفعل اللعبة الانتخابية التقليدية، والذي يقول للناخب الأميركي اليهودي الهوى إن الذي قدَّمه بايدن إلى شخص بنيامين نتنياهو ليس أدسم مما قدَّمه (أي ترمب) يوم 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 للشعب اليهودي والمتمثل في قرار الإدارة الأميركية، أي الإدارة الجمهورية متمثلة برئيسها دونالد ترمب، ينص على إعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويتضمن الإعلان، المباغت للعرب بالذات ولمعظم دول العالم بنِسَب متفاوتة، وصْف الهدية الترامبية بأنها «خطوة متأخرة جداً من أجْل دفْع عملية السلام في الشرق الأوسط والعمل بإتجاه التوصل إلى إتفاق...». وكي لا يبدو مستفِزاً الأمتيْن العربية والإسلامية وهو يطلب للتو من وزارة الخارجية الإستعدادات لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، فإنه أرفق هديته الخارجة على الحقائق الموضوعية بالقول «إن الولايات المتحدة تدعم حل الدولتيْن إذا أقره الفلسطينيون والإسرائيليون» وهذا على حد ما يراه «يصب في مصلحة أميركا ومسعى تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين». «هدية القدس الترامبية» التي جعلت نتنياهو وقد بات أطول شاغلي رئاسة الحكومة في إسرائيل يتطلع إلى أن يكون رقماً جديداً إلى جانب الزعامات الصهيونية أمثال بن غوريون صاحب مقولة «لا معنى لإسرائيل من دون القدس ولا معنى للقدس من دون الهيكل» (أي مكان المسجد الأقصى) سبقها وهو المكلل بتهم الفساد وتتولى إحدى المحاكم النظر فيها قوله في جلسة عقدتْها حكومته يوم الأحد 17 أبريل/ نيسان 2016 متعمداً أن يتم الإنعقاد في مستوطنة أنشئت في هضبة الجولان السوري المحتل «هذه هي أول مرة تَعقد الحكومة الإسرائيلية جلسة رسمية فيها منذ أن وُضعت تحت الحُكْم الإسرائيلي قبْل 49 عاماً. لقد إخترتُ عقْد الجلسة الإحتفالية للحكومة في مرتفعات الجولان كي أُمرر رسالة واضحة. كان الجولان جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل في العصر القديم، والجولان هو جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل في العصر الحديث. مرتفعات الجولان ستبقى بيد إسرائيل إلى الأبد. ولقد حان للمجتمع الدولي بعد خمسين عاماً أن يعترف أخيراً بأن الجولان سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية إلى أبد الآبدين...»!في ضوء الذي أقدمت عليه حركة «حماس» إحتجاز عدد من الإسرائيليين مدنيين وعسكريين وإخفاق حكومة نتنياهو إستعادتهم بالحسنى والتفاوض كما المألوف في مثل هذه الحالات خصوصاً أن هنالك مرجعيتين مؤثرتين ومتفهمتين (مصر وقطر) يمكنهما تحقيق التسوية المتوازنة، أصدر نتنياهو الأوامر للجيش الإسرائيلي بإعتماد الفتك تدميراً وتهجيراً وتجويعاً في جميع مناطق قطاع غزة وفي ظنه أن أسبوعاً كافياً للحسم لكن المنازلة دخلت الشهر السادس وقابلة للمزيد.هل ما زال هنالك حل ينقذ إسرائيل غير التوافق الدولي على صيغة الدولتين اللتين تتعايشان في حال إقتناع الشعبين بأن الحلم التوراتي بات كابوساً بفعل الهجمة الحمساوية قد تليها هجمات إيرانية وفْق الظروف ونوع التحديات، وأن رهان نتنياهو عند تكليفه تشكيل الحكومة التي لا تبدو قادرة على غير التدمير والتهجير والتجويع وتكبيد الجيش الإسرائيلي المعتدي خسائر لم تحدث من قبل في حربيْ 1967 و 1973 مع كل من مصر وسوريا والأردن، إنما هو خاسر وإن طالت لعبة مواصلة التدمير وتوسيع العمليات بحيث تشمل أيضاً وبوتيرة أكثر تدميراً مناطق في جنوب لبنان وبقاعه. لم يخطر في بال أي من الرؤساء الأميركان وبالذات أسخاهم الرئيس بايدن الذين وهبوا إسرائيل نتنياهو مواقف وعطاءات لم يسبق حصول الكيان المزروع في أرض الآخرين عليها، أن هذا الذي أصاب إسرائيل ويتواصل نزفاً وإرتباكاً وإنقسامات في مناطق كثيرة من المجتمع اليهودي يمكن حدوثه. وحتى عندما قال نتنياهو بعد تكليفه رسمياً يوم الأحد 13 نوفمبر 2022 «إن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وأن حل الصراع مع الفلسطينيين ليس أولوية ولن يكون مستقلاً بل كجزء من حل أوسع مع العرب أولاً، فإنه بقوله هذا لم يكن بعيد النظر وراهن على أن أميركا التي يدلل رئيسها في مقر الرئاسة ولديه خلال زيارة برفقة زوجته إلى واشنطن وكما لم يفعل رئيس أميركي ما فعله كلينتون لا من قبل ولا من بعد يمكنه ببعض التفاهمات مع دول المنطقة فرْض الأمر الواقع على الجميع، كما أن حساب بيدره الأميركي لم يتحقق من تداعيات الحقل الغزي. ولقد أضاع هذا الذي قال عنه منافسه على رئاسة الحكومة يائير لبيد مباشرة بعد تكليفه يوم الأحد 13 نوفمبر2022 «إنه يوم أسود للديمقراطية الإسرائيلية» فرصة لاحقة هي التي عرضها الرئيس بايدن المصدوم من مجريات حرب غزة وقصْده من الذي عرضه وهو «قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح» إنقاذ ما يمكن إنقاذه وكان رد نتنياهو على الفوز الرفض مع أنه في واقع الحال كان يعاني نزفاً من الجرح الحمساوي في أحلام الزعامة التاريخية.

هل ستبقى المداهنة الأميركية _ الأطلسية على ما هي عليه للعابثين في أمن المنطقة وإستقرارها. ولماذا لا يحسم المداهنون الأمر وبحيث يتم وضْع الأمور في نصابها وتهيؤات نتنياهو وأمثاله في حجمها الحقيقي، وإستحضار المبدئية العربية وما إتخذته من وقفات ومواقف تتسم بالمرونة وبما لا يجعل المنطقة دائمة العيش على سياسات أشبه بالألغام. لقد مضى أكثر من عقديْن على مبادرة السلام العربية (2002.3.27) والتي ما زالت حاضنتها المملكة العربية السعودية ترويها بمواقف من الحكمة والحنكة والنخوة الإغاثية للغزيين كما للسُلطة الوطنية في عرينها (رام الله) المعلن عنها والمخصص لوجه الله بحيث تبقى هذه المبادرة الحل الذي لا حل غيره تسوية مغفورة ﻟ «أم القضايا فلسطين» وإنقاذاً للسمعة الدولية ولحفظ ماء الوجه الإسرائيلي _ الأميركي _ الأطلسي. عسى ولعل تكون هذه المبادرة عنواناً رئيسياً في فضاء القمة العربية في البحرين مع إرفاق التمسك بمضمونها بتحديد مواعيد جدول زمني للتنفيذ. وبذلك يستقر الحق الفلسطيني ويزهق الباطل الإسرائيلي الذي كان زهوقاً. ... والله الهادي إلى الحكمة والحنكة والمبدئية بديلاً للتسويف الأميركي _ الأوروبي وللحمق الإسرائيلي في أضر درجاته.


مشاهدات 148
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2024/04/23 - 6:40 PM
آخر تحديث 2024/05/17 - 4:17 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 131 الشهر 6602 الكلي 9244640
الوقت الآن
الجمعة 2024/5/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير