الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
موت رجل أمام السفارة

بواسطة azzaman

موت رجل أمام السفارة

عدنان سمير دهيرب

 

حين يتقاطع موقف او إحتجاج مع سياسة الدولة و برامجها إزاء قضايا و أهداف إستراتيجية ثابتة , كالذي يحصل مع العدوان في غزة , و دعمها المعلن و الصريح سياسياً و عسكرياً و أقتصادياً . فأن أي تصرف خلافاً لذلك يُعد سلوكاً مضاداً للأمن القومي الامريكي يجب كبحه من قبل السلطات , فيما تقوم وسائل الاعلام بتحويله الى منحى ً مغايراً للهدف الذي أتخذ من أجله بالتضليل الذي تنماز به وسائل الاعلام الامريكية و يعرف الباحث الفرنسي فرانسو جيريه التضليل الاعلامي بأنه (مشروع منظم و مخطط يهدف الى تشويش الاذهان و التأثير على العقل كما على العواطف و المخيلة . و ليس له سوى هدف واحد هو إدخال الشكوك و خلق الاضطراب و هدم المعنويات و يجعل من وسائل الاعلام أداة لنشر و تعميم الرسالة التضليلية باتجاه الرأي العام .و كانت قصة العسكري في سلاح الجو  الامريكي أرون بوشنيل بحرق نفسه أمام السفارة الأسرائيلية في واشطن و هو يصرخ فلسطين حرة قبل ان يسكب على نفسه سائل سريع الاشتعال , مثالاً لعمليات التضليل و تزييف الحقائق و تغيير الأهداف بما يلتقي مع سياستها . إذ وجد الشاب البالغ من العمر 25 عاماً في إنهاء حياته وسيلة صادمة للاحتجاج على الدعم الأمريكي لإسرائيل التي قتلت أكثر من 33 الف مواطن فلسطيني منهم (14) الف طفل بريء و أكثر من 70 الف جريح غالبيتهم من النساء و الاطفال منذ بدء العدوان على غزة .غير أن وسائل الاعلام الأمريكية تعاملت مع هذه الصرخة الانسانية و الرفض السياسي , بوصفها حدث إعتيادي لمواطن يعاني من إضطرابات نفسية . إذ نشرت مجلة التايم وفق الكاتب بيلين فير نانديز تعليقاً في أسفل المقال يعطي القراء الارشادات التالية (إذا كنت أنت أو شخص تعرفه يمر بأزمة صحية و عقلية او يفكر بالانتحار إتصل او إرسل رسالة نصية الى الرقم 988) و ذلك يشير الى تسخيف الهدف النبيل الذي قام به بوشنيل .

فيما نشرت صحيفة نيويورك تايمز بعد تضحية بوشنيل بنفسه (حسبما تقول الشرطة رجل يموت بعد ان أشعل النار في نفسه خارج السفارة الاسرائيلية في و اشنطن).إن تقزيم الحدث و تجريد الموقف الانساني و السياسي من محتواه , يؤكد تواطؤ وسائل الاعلام الامريكية مع السياسة العامة للبلد و جرائم إسرائيل في قتل الفلسطينيين كل دقيقة و ساعة على مدى ستة أشهر . و إن حرية الصحافة و الاعلام و رسالتها في نشر الحقيقة و الموضوعية مجرد مفردات تدرس في الجامعات و تتراجع أثناء إداء المهنة , و تغدوا جزءاً من الدعاية السياسية للنظام الديمقراطي . و على حارس البوابة في الوسيلة الاعلامية الالتزام بالسياسة العامة و الخضوع للجهة الممولة و الانسجام مع الخطاب الايديولوجي لتحقيق الغايات في كسب المتلقي و التأثير على إتجاهات الرأي العام إزاء القضايا المهمة . و ليس الولاء للمواطن و الدفاع عن حقوقه او تنويره بكشف الحقيقة . و بذلك فأن هذا الموقف تلاشى – امام أساليب التضليل الاعلامي الذي تتخذه تلك الوسائل منهاجاً في تحريف الاحداث و الوقائع سواء داخل أو خارج أمريكا بفضل التقنيات المبهرة و المال و القوة المتوحشة التي تفرض الهيمنة و القدرة على تحريف الحقائق

 

 

 


مشاهدات 177
الكاتب عدنان سمير دهيرب
أضيف 2024/04/22 - 6:20 PM
آخر تحديث 2024/05/19 - 5:25 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7568 الكلي 9345606
الوقت الآن
الأحد 2024/5/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير