كلنا على موعد لسماع سمفونية الموت
سعد محسن خليل
سمفونية الموت تجربة يتم من خلالها الاقتراب والتقرب من الاحداث التي تبرز امامنا كتجربة مريرة قريبة من النهاية او الفناء وبدايتها فقدان الوعي والتي يمكن للانسان ان يحس بها وهو على يقين بانها بداية نهاية حياته وفقدان وجوده في هذا الكون المجهول الملامح وحتما كان كل شهداء الصحافة يأملون بغد اكثر اشراقا ولكنهم لم يصلوا الى ذلك الغد وماتوا وهم في حلم جميل لم يتحقق وهم على موعد لسماع سمفونية الموت ومنهم شهيد الصحافة العراقية الشيخ الجليل شهاب التميمي « ابو ربيع « الذي استشهد في 27 شباط عام 2008 مات ابو ربيع وهو في اوج غليانه كإناء معدني تجاوزت حرارته وفاقت درجة الغليان.. مات ابو ربيع وهو في ربيع ايامه في نقابة الصحفيين بعد ان حقق حلمه باعادة ترتيب وتنظيم النقابة بعد الدمار الذي لحق بها وسط فوضى الاحتلال .. مات وهو يصرخ انصفوا الصحفيين انصفوا المعذبين في الارض ولم ينصف نفسه .. ومن ضمن مكاسبه المكللة بالعز اعادة زملائه المسرحين من الخدمة في وزارة الاعلام بقرار خائب من المندوب السامي الامريكي بريمر الى وظائفهم .. عادت هذه الكوادر المتميزة والمهمشة في عهد المماليك والصعاليك وهي تستعد لتلحين وغناء سمفونية الموت الابدي التي فتح الشيخ التميمي بعد اغتياله ابواب نارها الازلية التي هي اشبه بنار جهنم حيث سقط في مسرح الاحداث بحدود اكثر من اربعمائة صحفي قتلوا في ظروف مجهولة وغامضة ودمائهم لم تجف بعد وهي تمثل فشل السلطات العراقية من العثور على متهم لتحمل هذه الجرائم التي بقيت طي الكتمان في ملفات التحقيق السرية المحفوظة في خزانات الاجهزة الامنية لانعرف مصيرها مطمورة بالتراب كجثة هامدة طواها النسيان بعد ان اصبحت الحياة قاسية في وطني العراق تسلب منا اصدقاءنا واحبتنا وتسرق منا السعادة الانسانية وتجعلنا غير قادرين على التمسك ومقاومة الضربات القاسية التي تواجهنا من اصحاب البنادق الخرساء الحاقدة .. فيا اخوتي الاعزاء احيانا البوح بالمشاعر الحزينة لكل الشرفاء من ابناء شعبنا باسلوب خاص للتخفيف عن النفس وبعضا من الألم ولهذا الشيء وضعنا انا وزملائي الصحفيين كلام الحزن عن الحياة جانبا فضرباتنا ومخاطرها مختلفة بعضا منها جميل والبعض الاخر قاسي وقبيح ولكن صدقوني زملائي الاعزاء ان اكثر الاخطار من حولنا هي غدر الغادرين من المتصيدين بالماء العكر حتى رسالتنا الاخبارية باتت باهته بسبب الخوف المشروع على حياتنا بعد ان اخترنا دون ارادتنا الكلام الحزين الذي يكشف معاناة شعب كُتِب عليه ان يكون ضحية ومشروع موت مؤجل يعبر بحزنه لك ولك ايها العراقي الشريف .. انا اؤمن بان الحياة سفرة لابد ان تنتهي ساعاتها وايامها الجميلة واني مؤمن ان تربية امي علمتني الكثير ومن هنا ولكي لا اقع في المحظور اوجه رسالتي الى امي لانها احن انسان لي بعد رب العالمين واقول لها « لا تحزني يا امي على موتي فاني اراه من خلال ماتخزن عيونك من دمع غزير على ضياع وطني لكني مؤمن وعلى يقين بان ابتسامتك ورغم زوالها ومرارتها فهي جذابة رغم علمي بان قلبك يغلي حزنا على موتي لكن صدقيني يا امي العزيزة ان التغيير قادم وسيقف القتلة في قفص الاتهام بذهول امام العدالة وهي مكشوفه وان تخطتهم عدالة الارض فان عدالة السماء حتما ستكشف اوراقهم وسيكون حسابهم كبير امام رب العزة والجلالة رب العالمين جميعا ولن يبقى لديهم في الارض الا الخزي والعار ولن نضعهم في موقع القديسين حتى وان اعترضوا فمكانهم الطبيعي حتما سيكون في باطن الارض او في مقابر لاتنتمي الى البشر الاسوياء بل سنضع جثثهم العفنه في مكبات الازبال ليلعنهم التاريخ على افعالهم المشينة ونؤشر على قبورهم ونكتب هنا يرقد حيوان اجرب