من أثارنا الخالدة.. مدينة ياشـــيمي الأثرية في ذاكرة العراقيين

قاسم المعمار

-هي احدى شامخات حضارتنا العريقة في بلاد وادي الرافدين يسلط الاضواء عليها كاشفاً مجدها التاريخي والاقتصادي الدكتور احمد كاظم الزبيدي في كتابة الموسوم بـ(مدينة ياشيمي )عبر 537 عاماً من عمرها في دراسة تنقيبية استكشافية تحليلية استجلت الصورة الحضارية لهذه البقعة الوطنية التي يطلق عليها تسمية ( تل ابو شيجة) كما وردت في النصوص المسمارية القديمة .

مسح آثاري

-لقد احتوى هذا المطبوع اضافة الى مقدمته السردية اربعة فصول الاول منها عرض جغرافي تاريخي لتضاريس السهل الرسوبي وسهل الدلتا والاهوار وسهل المروحة وطرق ووسائل النقل والنبات الطبيعي فيما ركز الفصل الثاني على عمليات المسح الآثاري للموقع وتسمية مدينة باشيمي في النصوص المسمارية وحكام هذه المدينة والتسمية الحديثة لها .

-وفي الفصليين الثالث والرابع يعطينا الباحث الزبيدي سرديات مفصلة لأعمال التنقيب والمكثفات العمرانية وافاقها الهندسية والحركة التجارية مع جاراتها وهي الواقعة جنوب العراق في محافظة ميسان مجاورة للحدود العراقية - الايرانية ..

-ومن انواع اللقى الاثارية التي وجدت في هذه المدينة منها اللقى الحجرية وتشمل لوح النحت البارز وضارة الباب ولقى حجرية غير مكتوبة اما الثانية فتشمل الفخاريات لقى الاواني والالواح وتضم الثالثة لقى النحاسية والعاجية وهنالك الملاحق المصورة والتخطيطات والخرائط .

-ويختم الباحث بإيراد حقل حافل بالمصادر العربية والاجنبية التي اعتمدها في انجاز هذا المشروع البحثي الاكاديمي اثر في معلوماته وارقامه ومصادره ومواقعه وشخوصه كي يكون مصدراً للطلبة والباحثين والمتتبعين لحضارات وطنهم .

-لقد ذكر اسم ( باشيمي)بـ ( تل ابو شيجة ) في النصوص المسمارية على ان اقدم ذكر لاسمها ورد في عصر فجر السلالات السومرية الثالث .كما وردت اسماء من حكموا هذه المدينة اولهم (ايلشو رابي) والثاني (شودا حاني) اما الحاكم الثالث فهو (كور يبلاك) والرابع (اراد ننا) فيما يرجع معنى تل ابو شيجة الى حزمة قصب او حزمة ليف متشابكة .

-ان العراق بلد الحضارات ضمت العديد من المواقع الاثرية في مجالات الدينية والادبية والفنية والعمرانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي اصبحت اشعاعاً للأمم والاقاليم المجاورة ويأتي تل ابي شيجة من المواقع المهمة في بلاد الرافدين يقع على نهر الطيب في محافظة ميسان قرب الحدود العراقية - الايرانية وقرب حدود عيلام وقريباً من (سوسه) عاصمة العيلامين وكان حكامها مقربين من حكام وملوك السلالات الحاكمة في بلاد الرافدين وخاصة السلالة الاكدية وسلالة اور الثالثة .

-اذن نحن امام صفحات حضارية مشرقة من تاريخنا الخالد يتمثل بقيام هذا الشاخص المشرق العريق بسمو موقعه ونموه الاقتصادي والبيئي الذي دام اكثر من خمسة قرون في ازدهار ورقي تاركاً لنا شواهد على البناء والتشييد والعمران .. قدمها لنا وبكل جهد مخلص الدكتور احمد الزبيدي عمق في البحث المادي وتركيزا لمدى الفائدة العلمية للدارسين .

من خلال استعراض لما ورد في هذا المطبوع القيم بعلميته ودقة تبويبه وتنضيده وسرديته لمعلومات التاريخية التي استقاها بجهده الشخصي الخاص المهني لكونه رجل باحث ومنقب اثاري متمرس واعتماده على جلة من المصادر العربية والاجنبية اضافة الى العلمية الوطنية الثرة التي يمتلكها في مجالات الوعي الآثاري والتراثي وحضارات الشعوب وقيمها الانسانية اذ ركنت خاصيته التقييمية الكشف عن جلة حضارية اثارية في ربوع عراقنا الحبيب قد لا يعرفها الكثيرون ولم يسمع بها او يراها الا اطلالاً ترابية مدروسة المعالم نمر عليها مرور الكرام حتى اجد نفسي كرجل اعلامي افقت عمري اليوم الخامسة والسبعين عاماً لم اسمع او اقرأ او اشاهد موقعاً اثارياً بهذا الاسم مدينة تدعى (باشيمي) في محافظة ميسان (العمارة) الا بفضل الموسوعة العلمية الجزيلة بمفهوميتها التعريفية والايضاحية كلمة وصورة ومعلومة في كتاب الدكتور الفاضل الزبيدي (مدينة باشيمي) حلة قشيبة من المعرفة الاكاديمية لأجيالنا والدارسين من طلبتنا ... ومصدراً ثرياً يضاف الى مكتبتنا الوطنية .

حياة يومية

-اجد نفسي اليوم مبهوراً وفخوراً امام تلك الاستدراكات والوثائق التاريخية التراثية لمعالم هذه المدينة في مجالات الحياة اليومية عبر هذا المصدر القيم وما احتواها من دقة المعلومة والصور والتخطيطات والخرائط والجداول وانواع اللقى وما حصلت عليها تلك التنقيبات من كنوز المعرفة من انواع الفخار والخزفيات والادوات المنزلية ووسائل النقل والاسلحة وفنون النقشات للكتابة المسمارية على الابواب ومنها الباب الرئيسي لمعبد الاله شودا وهي المدينة الواقعة على نهر الطيب ومصبه من المرتفعات الشمالية الشرقية الايرانية ... اضافة الى المبهرة الهندسية المعمارية في البناء والتشييد وطرق المواصلات .. والنقل في تلك الفترة الزمنية من عهد المدينة... لقد حققت الجهود المضنية التي بذلها هذا الرجل وبمعية زملائه الآثاريين تميزاً ايجابياً في حقل التنقيبات ولجان المسح والاستكشافات التي اجريت للعديد من المواقع خاصة في الاهوار وجنوب العراق مما نال اعتزاز الدولة بها وتكريماً ووفاءاً لهذا الدور الوطني المشرف لدعم حضارتنا الخالدة ومنها ما حصل عليه من تكريم رئاسة الوزراء وذلك لاكتشاف لقى اثارية نفسية اعتبرت من كنوز بلاد الرافدين واعلن عنها عالمياً ... وهو عضو اللجنة الوطنية لإدارة ممتلك الاهوار (تراث عالمي) وله العديد من الدراسات والبحوث والمقترحات المحلية والدولية الداعمة لتطوير عمليات التنقيب والاستكشاف الموقعي للآثار والتراث الخالد لبلاد وادي الرافدين ...

-ومن هنا اجد نفسي اليوم امام كم ونوع من الف اثارنا وتراثنا الوطني والقومي خالدا يصبوا الى الرعاية والاهتمام والحفاظ عليه من ظروف التقلبات البيئية وضرورة صيانتها لما لها من مكانة بالارتقاء بالسياحة باعتبارها جزءاً مهماً منها ..

المؤلف في سطور

•احمد كاظم طاهر سالم الزبيدي

• دكتوراه اثار قديمة

•مواليد 1972 بغداد

•رئيس منقبين اقدم

•رئيس قسم المنظمات الدولية / مكتب رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث

•عضو اللجنة الوطنية لإدارة ممتلكات الاهوار

•له العديد من الدراسات في مجلة سومر والمشاركة بالبحوث العلمية في الندوات الجامعية

•لديه العديد من التكريمات لجهوده الفكرية في مجالات اختصاصاته النظرية والعلمية في المواقع الاثارية واستكشافات كنوزها .

•عضو الفريق الوطني لإعداد ملفات ترشيح المواقع الاثارية الى لائحة التراث العالمي .