الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مخرج يعتمد الضوء الطبيعي لصورة أكثر واقعية

بواسطة azzaman

بيكاسو جعفر مراد يبتسم في بغداد

مخرج يعتمد الضوء الطبيعي لصورة أكثر واقعية

كافي لازم كريم

ضيفت صالة مسرح الرشيد أمس الاول الخميس فيلم (ابتسامة بيكاسو) للمخرج المغترب جعفر مراد ، تمثيل فلاح هاشم، سلام زهرة ، محمد عطا سعيد ،شفاء جبر، ياسين ماهود، سالي المبارك .

ومراد هو في الاصل مهندس الكترونيك تخرج من  الجامعة الهولندية ومارس العمل والدراسة معا في وقت واحد وبصعوبة بالغة نجح في اختصاصة الا انه احس انه ليس في المكان الذي ممكن ان يبدع به، ذهب بالصدفة الى امريكا وهناك اطلع على العجائب في استديوهات واماكن التصوير والمونتاج في هوليود  ومن هناك قرر ان يدرس الاخراج السينمائي في لندن رغم الصعوبات في  المشاكل والازمات بأتخاذ  هكذا قرار الذي ادى به ان يترك عمله واختصاصه السابق اكمل شهادة الماجستير في الجامعة البريطانية وكان الاول على دفعته،وهنا توالت الانجازات في الاعمال والحصول على الجوائز.. جاء لبلده الاول العراق ليعرض فلمه الروائي (ابتسامة بيكاسو) في العشرين من الشهر الماضي في سينما مول بغداد، قبيل عرضه مجددا الخميس الماضي في الرشيد .

* وقال احد رجال المخابرات في الشرق الاوسط متباهيا ان المعارض لنا  وهو يتجول في شوارع لندن عليه قبل  ان يروم دخول المقهى  ان ينظر شمالا ويمينا ليتأكد هل نحن موجودون ام لا..في فلم (ابتسامة بيكاسو) ذهب مراد الى ابعد من ذلك حيث رجل المخابرات رغم التغيير الذي حصل فهو ساكن في عمق المعارضة يبتز هذا وينذر ذاك بل هو في حالة افضل من قبل ليمارس حرفته الآسرة بأريحية.

تدور قصة الفلم حول فنان تشكيلي (فلاح هاشم) كان معتقلا واخذ حصتة من التعذيب   بسبب رسمه لوحة اسمها (ابتسامة بيكاسو) الا ان السلطات انذاك اعتبرتها تحمل رموزا ضد الحكومة وفكرها وعليه قضى فترة طويله في السجن مع التعذيب القاسي.. استطاع الهرب تحت ظروف قاهرة وعذابات لاحصر لها من جوع وحرمان.. الا انه ترك ولده اليافع هناك. واخيرا استقر في مدينة الضباب ولم يهدأ له بال اذ انه سعى بكل جوارحه ان يلتقي بابنه  الوحيد. واستعان بصديقه (محمد عطا سعيد) .عاش حياته متأملا بين اليقظة والحلم ان يرى ابنه بين اليأس والتخاذل والمآسي التي حدثت في بلده.. ولم يمارس الرسم  بعد اخر لوحة (ابتسامة بيكاسو) عاش حياة بوهيمية صاخبة بالهلوسات والجنون احيانا.. غير انه طرق الى سمعه بان ولده موجود في لندن مما زاده شعورا هائلا بالوجود ادى به ان يتناول عقارا مضرا بصحته الى حد الهلوسه.وهنا المفارقة الكبرى حيث ان ولده قد تبناه نفس الشخص الامني (سلام زهرة) الذي  كتب عنه التقارير الامنية وساهم بتعذيبه وجاء به الى لندن بعد تغيير النظام.. وقد انكرا وجوده هو وزوجته شفاء جابر ولم يرحبا به بل طردوه الا انه اصر على البحث الدؤوب  والعثور عليه.. غير ان صحوة زوجة رجل الامن ونتيجة تعامله القاسي معها وبعد ان اكتشفت ان اللوحة (ابتسامة بيكاسو) والتي ادت بصاحبها الى سجن ضمن اوراق زوجها اعترفت بالحقيقة وقالت ان زوجها عندما تبنى الابن وجههه نحو الرذيلة وتناول المخدرات وهو الان متزوج وادلت عن مكانه..ذهب مسرعا ليجد خبرا صادما بوفاة الابن بتناوله جرعة زائدة.

مساحة اوسع

عرض الفلم باسلوب الواقعية الرمزيه ليتسنى للمخرج ان يبني افكاره بمساحة اوسع ولكي تتاح له حرية الاختيار فتارة يصور اللوحات الفنية في غرف ضيقة كذلك الحوارات الساخنة سرعان ما يتحول الى شوارع وانفاق وساحات المدينة الضاجة بالجمال والنظافة المتناهية، واضح انه ضليع في تصوير هكذا اماكن،  وكأنه في فلم تسجيلي مما اضاف متعة المشاهده للمتلقي وهو ينقل طيبة ناس ذلك البلد والمستوى الحضاري في التعامل الانساني حينما ارادوا اعتقال البطل بدعوى كيدية في خضم الاحداث الدائرة وتصادم الشخوص لاسيما آلام البطل الذي اضناه التعب في البحث عن ولده الوحيد .

واضح ان المخرج اعتمد اكثر على الضوء الطبيعي بدون الاعتماد على التقنيات الضخمة في السينما فجاءت الصوره (وهو مدير التصوير ايضا) اكثر واقعية رغم انه استخدم لقطات (الكلوز اب) اكثر من مما ينبغي  فلم تخفى البثور من وجوه الممثلين مثلا وتبدو ان الكامره اكثر ثباتا في موقعها وقد نجح المخرج في مشاهد تعبيرية  اذ انه ظل ماسكا  ادوات العرض جميعها فالصوت المعبر حتى في خطوات الارجل له دلالة واضحة للافعال والاحاسيس لحالات القلق او الخوف او الترقب وهي موسيقى بحد ذاتها وايضا حالات الصمت المطبق والذي يحفز انتباه المتلقي لما يحدث تباعا في المشاهد القادمة  وربما هناك مشاهد غير متطابقة من ناحية ملابس الممثلين الشتوية والصيفية وقد يكون هذا الجو في لندن واردا.. كانت الموسيقى ومؤلفها(جاد ولهام) معبره و مصممه  لتتلائم  مع سيناريو الفلم الى حد التفاصيل  اما اداء الممثلين كان بمستوى النوايا والاخلاص في اداء واجباتهم اذ ان العمل بمجمله عملا تضامنيا تطوعيا بدون اجور.. لقد ادى الفنان فلاح هاشم دوره بكل اتقان رغم صعوبته فهو يعتمد عنصر السايكولجيا اساسا في رسم الشخصية.اما الفنان سلام زهرة بدور رجل الامن امتع الجمهور كثيرا انه فهم الشخصية الى حد التماهي والدقة. كذلك الفنان محمد عطا سعيد اعطى صورة حقيقية المغترب القديم والوحيد.اما الممثلة شفاء جبر كانت مفاجئة في ادائها المراءة المضطهده من قبل زوجها رجل الامن السيء،كذلك الفنانان ياسين ماهود وسامي مبارك.. الواضح ان الالفة والصدق والتكاتف بين العاملين لها اثرها الفاعل في انجاز هذا الفلم.

ومن هنا انا ادعو وزارة الثقافة ودائرة السينما المسرح الى الاهتمام بالمخرج جعفر مراد ودعمة لأنتاج افلام ضمن الرعاية الجديدة من قبل رئيس الوزراء لانتاج الافلام السينمائية.

 


مشاهدات 336
أضيف 2024/01/05 - 2:40 PM
آخر تحديث 2024/05/16 - 4:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 181 الشهر 6652 الكلي 9244690
الوقت الآن
الجمعة 2024/5/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير