النـص : حديث ذو شجون مع وزير التعليم العالي في اقليم كردستان: الجامعات مطالبة بخلق عقل نقدي تحليلي
اربيل - فيان فاروق
أثر فايروس كورونا بمستوى كبير على سير الدراسة في إقليم كردستان وعموم العراق، فضلاً عن انخفاض مستوى المعيشة، ومع ذلك ثمة مؤشرات قوية تشير لانخفاض قيمة الدينار إزاء الدولار الأميركي بنسبة 20 بالمئة قابلة للزيادة، فهاتان المعضلتان تشكلان تهديداً خطيراً على التعليم العالي في الإقليم، وكما هو معروف أجبرت جائحة كورونا الوزارة بتغيير أسلوب الدراسة بعد أن كان الحضور في الجامعة، أصبح التعليم الكترونيا (اونلاين) وفي هذا العام أصبح العمل بنظام التعليم المدمج، ولما كانت الخدمة متواضعة للأنترنيت في العراق إذ ما زال يستعمل نظام (جي ثري) وحتى لا يناظر بكفاءته بقية دول العالم، ناهيك عن أن بعض دول العالم، كانت قد وصلت إلى استعمال (جي سكس) وهذا يظهر حجم تخلفنا الإلكتروني، الأمر الذي ينسحب على نظامنا التعليمي الذي لا يعتمد على إمكانات متطورة في هذا المجال. كذلك انخفاض قيمة الدينار هو كذلك بدوره سيؤثر على ميزانية الوزارة وبالتالي ينسحب على مستوى الكفاءة ومستوى الخدمة وبالضرورة سيقلص مستوى الانفاق على المنشآت والمختبرات والمصادر وحجم البعثات وغيرها… ونتيجة لهذه الظروف حاولنا التعرف على رأي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور آرام محمد قادر بشأن ما قدمته الوزارة، وما الخطط الموضوعة لمعالجة المشاكل التي فرضها واقع الكورونا وانخفاض الدينار العراقي وتساؤلات أخرى بشأن دور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتنمية البشرية والجامعة في بعدها الاجتماعي والإنساني، لاسيما بعدما شهدت الوزارة خلال فترة تسلم الدكتور ارام للمنصب إنجازات متنوعة في عدد من المجالات التي حققت نتائج متميزة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وعلى كافة الأصعدة، والذي يوصف بأنه من أكثر الوزراء نشاطاً وهدوءاً، فخلال لقائه وزيارته لجميع الجامعات الكردستانية اكد أن التعليم العالي يتطلع للجامعات على أنها جامعات كردستان ولا فرق بين جامعة وأخرى إلا بالإنجاز والمخرجات والجودة. وكانت تساؤلاتنا على النحو الآتي: { ما الاستراتيجية التي اعتمدتموها لإدارة الوزارة والكيفيّة التي سَيرتم بها العمل من أجل توفير مستلزمات النجاح في تقديم أفضل الخدمات للطالب وتوفير الموارد البشرية للدولة؟
- بدءاً ومنذ أول يوم باشرنا العمل فيه بالوزارة، كان بابنا مفتوح لجميع المواطنين، فخصصنا مساحة واسعة من الزمن لحل مشاكلهم والاستجابة لطلباتهم المشروعة، والتي تقع ضمن مسؤولياتنا وممكناتنا المتاحة. بدأنا بعمل بعض التسه?لات اللازمة ومن ضمن القانون بفتح الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه بعد أربع سنوات مـــن توقــــفها، اذ قبـــلنا زهاء 6000 طالب دراسات عليا، وهذا الأمر بحد ذاته يعد انجازاً كبيراً كما نعتقد وهذا ينسجم مع ظرفنا المالي في الوقت الحاضر، للحيلولة دون تسرب العملة الصعبة نحو الخارج، فضلاً عن ذلك وانسجاماً مع الوضع الاقتصادي الحالي عمدنا إلى تخفيض المصروفات، والحيلولة دون إهدار المال العام، كما وضعنا خطة جديدة تتيح قبول جميع المتقدمين من الطلبة للدراسة أي بنسبة 100٪? في الجامعات والمعاهد إذ على العكس من خطط القبول في السنوات الماضية، وخفضنا وبنسبة عالية أجور الدراسة في الجامعات والمعاهد الخاصة والعامة. وأكدنا على العمل الجماعي والاشتغال كفريق عمل واحد في المديريات كافة وبما يتوافق مع الخطط الاستراتيجية التي ترسمها حكومة إقليم كردستان. وسعينا إلى مد الجسور مع منظمة اليونسكو ولدينا خطط عمل معهم. وفي أثناء تسلمنا مسؤولية الوزارة تم الاعتراف بجميع الجامعات المستحدثة في الإقليم من قبل بغداد والاقرار على مصداقية الشهادة التي تمنح للطلبة وبالتالي تكملة الدراسة في الجامعات العراقية. ولم تتوقف مؤتمراتنا في شقيها العلمي والمهني على الرغم من جائحة الكورونا. وهدفنا الرئيس الارتقاء بواقع التعليم العالي والبحث العلمي بما يوازي ما يحدث في العالم المتقدم حضارياً.
{ هل ثمة إجراءات بشأن تخفيض أجور الجامعات الأهلية والتعليم الموازي في إقليم كوردستان؟
- وضعنا الخطط المناسبة لتخفيض اجور الدراسة في الجامعات الحكومية والأهلية والمعاهد والتعليم الموازي وبما يتناسب مع الظروف الحالية ومراعاة المستثمرين أي تكون النسبة معقولة تساعد الطالب ولا تصل إلى مرحلة عزوف المستثمرين في هذا المجال. خفضنا أجور الدراسة في الجامعات الخاصة من 10إلى 20 بالمئة وبحسب مرتبة الجامعة من أجل ألا تنخفض جودة الجامعة، وتكون النسبة على وفق الواقع العلمي والأكاديمي للجامعة. وفي الجامعات الحكومية تم تخف?ض الأجور الدراس?ة بنسبة 45٪ فقط.
{ كيف السبيل لإنجاح أسلوب التعليم المدمج بعد أن أظهر التعليم الالكتروني (أونلاين) عيوبه الكثيرة وفشله في عموم العراق لأسباب منها ضعف خدمة الانترنيت في العراق ناهيك عن أسباب أخرى معروفة ؟
- بالتأكيد أن الدراسة على وفق التعليم الالكتروني والمدمج هو ليس بالمستوى المطلوب في العراق، ولكنه على مستوى مقبول في دول العالم الأخرى لوجستياً وحضارياً، ولكن ما السبيل لمعالجة هذا الظرف، هل نوقف الدراسة هو الحل الأمثل؟ حتماً لا. إذن نحن نعمل بالمتاح والممكن، والآن هناك أكثر من (58) لقاح في العالم تشير إلى أن أزمة الجائحة في طريقها للحل والعودة للدراسة الطبيعية ستعود إن شاء الله.
{ ما الخطط الاستراتيجية التي ترومون تنفيذها كوزارة؟
- خططنا الاستراتيجية التي نسعى لتحقيقها هي تطوير التعليم العالي على وفق ما يحدث في العالم المتحضر من حيث أساليب التعليم الجامعي في الزمن المعاصر، وما وصل إليه من رقي ونظم وطرق جديدة ومبتكرة إذ ثمة ظهور أنماط وطرق جديدة وظفت في التعليم العالي والبحث العلمي، من أجل خلق موارد بشرية تتوافق مع معطيات العصر، الأمر الذي يحتاج منا إلى إعادة النظر بشأن المناهج والتدريب والبرامج وبما يتناسب مع حاجة الإقليم وما يواجهه من تحديات في المجالات كافة اقتصادية واجتماعية وسياسية ومعرفية وثقافية… الأمر الذي يدفعنا إلى تحديد الأهداف ووضع الآليات والخطط بما يحقق لنا تطوير ممكناتنا لمواكبة ما يحدث في العالم من ثورة تكنلوجية ومعلوماتية متسارعة حيث العالم يسير بشكل متسارع نحو التغيير المستمر ولا يتحقق ذلك إلا عبر دور الجامعة وتفعيل طاقاتها عن طريق الارتقاء بمستوى الطلبة العلمي وبما يحقق أهداف الإقليم وحاجاته في التنمية البشرية بوصف الإنسان أغلى رأسمال في العالم.
{ ما دور التعليم العالي والبحث العلمي في البعد الاجتماعي والإنساني؟
- كانت أساليب التربية والتعليم التقليدية ومنها مازال معمول بها حتى الآن تعتمد على التلقين، ونرى كوزارة يجب أن تضطلع الجامعة بمسؤوليتها في خلق عقل نقدي تحليلي لدى الطالب الجامعي، وألا يتلقى المعـــــــلومة التاريخية كمسلمات، وأن يشجع الطـالب على خلق السؤال، وتدريبه على إيجاد الحلول للمعضلات التي تواجــــــــهه، وليس الاعتماد على الآخر، وأن يكون صاحب قرار وإرادة.
الأمر الذي بدوره سيساعد على تكوين عناصر وكوادر قادرة على مواجهة تحديات عصرها وتشكل بنية اجتماعية صلدة متماسكة. فضلاً عن التثقيف باتجاه احترام حقوق الانسان والتعددية والتنوع ورفض التشدد ورفض الطائفية والعنصرية وغيرها….
{ ماذا لم نشاهدك في وسائل الإعلام مثل غيرك من المسؤولين الذين يتحدثون كثيراً ويسوقون أنفسهم إعلامياً، بيد أنهم لم يعملوا إلا قليلاً، علماً أن هناك الكثيرين من في الوسط الجامعي يشيدون بما قدمتموه من منجزات في مجال التعليم العالي والبحث العلمي كيف تفسرون ذلك؟
- بهذا الصدد أريد أن تتحدث أعمالي وأفعــــــــالي بدلاً عن أقـــــوالي، وأنا بخدمة الناس الذين ينتظرون منا الكثير، ومهمتنا وواجبنا تــــــقديم أفضل الخدمات لهم.
|